كالدو..
تقرير الإعلامية افين الكردي
مسؤولة القسم الأسري
مطالب بتعديلات تشريعية لحماية أطفال الطلاق من العنف الاقتصادي "ولا تضار".. مبادرة حقوقية تحارب العنف الاقتصادي ضد أطفال الطلاق
تتجدد مأساة أطفال الطلاق في الأردن ليجدوا أنفسهم أمام مواجهة مفتوحة مع التشريعات الناظمة أو قل "القاصرة" من جهة، وكيداً بطله الأب من جهة أخرى. فالأخير إذا ما حبس كيداً تجاه طليقته، يقع الأطفال في دوامة التهرب من نفقة الأب والالتفاف على التشريعات بشتى الطرق، ليكون الأطفال ضحية خلافات لا شأن لهم بها، تحرمهم في كثير من الأحيان من أبسط متطلبات الحياة وتضعهم في دائرة عنف اقتصادي تضمنه التشريعات. في التجربة الأردنية، لم تعد التشريعات المعمول بها تجدي نفعاً في حق الأطفال بحياة كريمة، تقول مطلقات أو معيلات -على ما يفضلن تسميتهمن-. أصبح مصطلح (معيلات) رائجاً ضمن المصطلحات المعاصرة لحالات المجتمع وتحولاته. فالمجتمع كائن حي يتغير وتتغير كثير من المصطلحات التي تنظم حياة الناس فيه، لتسأل معيلات عن حال التشريعات الناظمة والتي مقصدها إنصاف الأطفال وليس لإعطاء الحق للبعض الكثير بالالتفاف عليها. ورغم المطالب المتكررة، لم تخرج نتائج من المؤسسات التشريعية لتخفيف التشريعات التي أرهقت في وقت بات التحايل على حقوق أطفال الطلاق شيء ظاهر حسب قول عشرات المعيلات. تتمثل معاناة المطلقات في الأردن من شح النفقة المنصوص عليها في القانون، وصعوبة إثبات دخل الطليق الذي يترتب عليه مبلغ النفقة حيث أن المادة(187) من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (15) لسنة 2019 على أنه " إذا لم يكن للولد مال فنفقته على أبيه لا يشاركه فيها أحد ما لم يكن الأب فقيراً عاجزاً عن النفقة والكسب لآفة بدنية أو عقلية".. و تنص المادة (189): يراعى في تقدير نفقة الأولاد حال الأب يسراً أو عسراً على أن لا تقل عن حد الكفاية. وذلك يعني بحسب إحداهن رحلات طويلة وغير منصفة في المحاكم الشرعية يخضنها والكثير من المعارك التي من السهل جداً تملص الطليق منها بإثباتات وهمية ك كمبيالات يكتبوها على أنفسهم واستقالة وهمية من العمل بالاتفاق مع رب العمل. وبحالات أخرى يكون من الاستحالة إثبات دخل الطليق كون عمله ضمن القطاع الحر. وتجمع المطلقات العضوات في مبادرة "ولا تضار" على أن متوسط النفقة التي الصادرة من قبل المحاكم الشرعية لا يتناسب والظروف المعيشية والأوضاع الاقتصادية ومعدلات التضخم المتسارعة، إذ يؤكدن على عدم منطقيتها. وبحسب تضامن فإن متوسط النفقة 78.4 دينار أردني حيث أن هذا الرقم وإن تم تحصيله لا يسمن ولا يغني من جوع!! تقول ديمة -اسم مستعار- "انتظر نفقة أولادي منذ سنيتن، ناهيك عن اعتراضات محام الطليق المتكررة على حكم الخبراء، فالقضية عرضت على الخبراء مرتين". وتضيف آيات – اسم مستعار أيضاً- أن طليقها لا يدفع بالرغم من أنه تم التعميم عليه! وتبين سوزان في حديث لـ"مجلة كالدو" بأن طليقها مسافر من ٣ سنوات، وجدّ أطفالها هو الكفيل، ولا يقوم بدفع النفقة، ما دفع بها للجوء لصندوق تسليف النفقات، والذي ما فتئ إيقافها -النفقة المسلفة- بعد ٦ أشهر، وهي موظفة وتعمل براتب منخفض. وعن تأخير البت في قضايا النفقة تعاني تالا من تأخر البت في القضية التي رفعتها منذ أكثر من عام. تنص المادة (188): من قانون الأحوال الشخصية بأنه "إذا كان الأب غائباً ويتعذر تحصيل النفقة للولد منه، أو كان الأب فقيراً قادراً على الكسب لكن كسبه لا يزيد عن كفايته، أو كان لا يجد كسباً، يكلف بنفقة الولد من تجب عليه النفقة عند عدم الأب، وتكون هذه النفقة ديناً للمنفق على الأب يرجع بها عليه متى حضر أو أيسر". ويستمر مسلسل التحايل على نفقة أولاد الطلاق في أكثر من سيناريو، إذ تقول لينا بأن الطليق سافر خارج الأردن قبيل رفع القضية النفقة، ولم يقم بدفع النفقة البتة إذ لم يعود للبلاد حتى اللحظة. في حالة كيدية، تقول بيان إن طليقها تعمد سحب ملف أطفاله من المدرسة الخاصة، وقام بتسجيلهم في مدرسة حكومية. و تنص المادة (190): من قانون الأحوال الشخصية بأنه "يلزم الأب الموسر بنفقة تعليم أولاده في جميع المراحل التعليمية بما في ذلك السنة التمهيدية قبل الصف الأول الأساسي وإلى أن ينال الولد أول شهادة جامعية على أن يكون الولد ذا أهلية للتعلم". و بحسب ما صرحت رانيا بأن طليقها غير ملتزم بالنفقه منذ سنتين و "مش قادرة اعمل امر حبس عشان هو موظف حكومي وهو موقف عن العمل وما في راتب اله والتسليف مابعطي لانو في رقم ضمان اله"، معاناة مركبة لـ"رانيا. المحامي و القاضي الشرعي السابق شامخ المجالي، قال لـ "مجلة كالدو" بأنه يترتب ولي الأمر نقل الملفات المدرسية من المدارس الخاصة الى المدارس الحكومية؛ في حال وجود دعوى مطالبة بنفقة تعليم خاص. بموجب كتاب وزير التربية و التعليم رقم 1/7/3848 بتاريخ 22/7/2020 الموجه الى مديري المدارس الخاصة ومديراتها والمتضمن أسس القبول والانتقال للطلبة الأردنيين وغير الأردنيين جاء في المادة 18 : في حال نشوء نزاع على أحقية نقل الأبناء من مدرسة إلى أخرى داخل المديرية نفسها أو من مديرية الى أخرى فإن صاحب الحق في النقل هو من حصل على قرار قضائي و / أو وثيقة صادرة عن المحكمة الشرعية المختصة، تمنحه هذا الحق ولو كان بشكل مؤقت إلى حين الحصول على قرار قضائي قطعي . وبناء عليه صدر تعميم وزير التربية و التعليم إلى مديري المدارس الخاص في عام 2021 بأنه ( لا يجوز في حالة وجود نزاع بين الزوجين او المطلقين نقل الاولاد الا باتفاقهما او وجود حكم قضائي قطعي يخول حامله نقل الاولاد ). تبقى السيدات المطلقات بحاجة لدعم قانون الأحوال الشخصية والمحاكم الشرعية بشكل يخدم مصلحة أطفالهن بالدرجة الأولى، للتيسير على الأطفال وأمهاتهم الحاضنات اللاتي كرسن أنفسهن لتربية أطفالهن وتنشأتهم بشخصيات سوية قادرة على مواجهة مصاعب الحياة بالرغم من فقدانهم للجو الأسري، إلى جانب تعديلات تشريعية تسهل على المعيلات تسيير أمور أطفالهن بما يضمن حياة كريمة لهم. ولا يزال ملف النفقة للمطلقات وأطفالهن معلقاً حتى يتم النظر بهذه القوانين وتعديلها، و لا يزال أطفال رانيا بانتظار نفقتهم من أبيهم المتخلف منذ سنوات عن دفعها ليستطيعوا شراء احتياجات المدرسة مثل أقرانهم. ملاحظة: جميع الأسماء الواردة في التقرير مستعارة حفاظاً على خصوصية الأشخاص.