كالدو...
د. فريال حجازي العساف
تعتبر المملكة الأردنية الهاشمية من أكثر الدول العربية التي استقبلت اللاجئين على مر الأعوام على الرغم من اننا لسنا موقعين على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، فلقد تعددت جنسيا ت اللاجئين المتواجدين في الأردن من دول مختلفة كان اكثرها اللجوء السوري منذ بداية الازمة السورية. حسب التقديريات الإحصائية تصنف المملكة بأنها ثاني أكثر دولة على مستوى العالم مستضيف ة للجوء السوري وذلك م ع مرور أكثر من عقد على بدء تدفق اللجوء السوري الى المملكة، اذ يعيش حوالي 83 بالمائة من اللاجئين منهم في المدن بينما يعيش 17 بالمائة في المخيمات. وفي سبيل اتخاذ التدابير الإدارية والاج ارئية لاحتواء ازمة التدفق المستمر للجوء السوري اع د ت المملكة والمجتم ع الدول ي خط ة الاستجابة الأردنية للازمة السورية والتي تم اعداد وفق نهج حقوق ي تشاركي مع جميع الأط ارف المختصة وهي تعتبر الخطة الوطنية الأولى من نوعها ونموذج عالمي يحتذى به في التعامل مع أزمات اللجوء حيث إنها تشمل محور الاستجابة لاحتياجات اللاجئين الانسانية واحتياجات الأردن التنموية ضمن إطار شمولي موحد. من ازوية أخرى وبق ارءة تنموية، تُشير تصنيفات التقارير والمؤش ارت الدولية الى ا ن المملكة دولة ذات دخل متوسط يبلغ عدد سكانها ما يزيد عن عشرة ملايين نسمة، النسبة الأكبر منهم من فئة الشباب، كما تشير التقدي ار ت الإحصائية الى ا ن المملكة من البلدان محدود ة الموارد المائية ان لم تكن افق ره ا ويتعدى الامر الى ابعد من ذلك من جانب استم ارر التحديات الاقتصادية التي يعاني من الاقتصاد الوطني . منذ مطلع هذا الشهر أعلن برنامج الأغذية العالمي -والذي يلبي الاحتياجات الغذائية الأساسية لنحو 500 ألف لاجئ من خلال المساعدات النقدية. وهذا يشمل السوريين الذين يعيشون في المخيمات وداخل المجتمعات المحلية، إلى جانب حوالي 10 آلاف لاجئ من دول أخرى مثل الع ارق واليمن والسودان والصومال -أعلن عن تخفي ض قيمة المساعدات الشهرية بمقدار ا لثلث لجميع اللاجئين السوريين في مخيمي الزعتري والأزرق والبالغ عددهم 119 ألف لاجئ فقد دفعت أزمة التمويل غير المسبوقة برنامج الأغذية العالمي إلى تقليص مساعداته الغذائية الشهرية لـ 465،000 لاجئ مستفيد في الأردن. بينما سيتم استثناء حوالي 50،000 فرداً من المساعدة الشهرية، وذلك حسب البيانات المنشورة على موقعه الالكتروني ماذا يعني ذلك ؟ وما انعكاساته على المملكة ؟ ان الإج ارءات التي سيتخذها برنامج الأغذية العالمي حتم اً ستؤدي الى خلق فجوة وسيعاني اللاجئو ن، يأتي ذلك في ظل ت ارجع قيمة الدعم المقدم من المجتمع الدول ي لخطة استجابة اللجوء السوري وفي ظل عدم مقدرتن ا على تحمل العبء وحدنا وفي ظل ما أفرزته تداعيات اللجوء المستمر على المملكة في الضغط على القطاعات الحيوية ؛ المياه والعمال والصحة والضغط على البنى التحتية . في احد المؤتم ارت المتخصصة عن الحديث عن ازمة اللجوء تحد ث أحد السياسيين المخضرمين قائلاً “لا بد في لحظة من اللحظات أن يتحول الأردن من التحرك في السياق المطالبي إلى السياق السياسي، فالدولة الأردنية لا يمكنها حل مشكلاتها الاقتصادية، دون أن تجد حلا حقيقيا لأزمة اللجوء، إذ إن مشكلتي الطاقة والمياه الضاغتين لا يمكن التحرر منهما دون التخلص من جزء كبير من الكتلة السكانية الهائلة للاجئين" . نعم هذا كلام جوهري ويشخص الواقع ال ارهن والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو الحل ؟ هل سـ يكون بالعودة الطوعية للاجئين الس ـورين؟ باعتقادي انه امر غير محتمل في الوقت ال ارهن في ضـوء نتائج الد ارسـة التي نشـرتها المفوضـية السـامية لشـؤون اللاجئين التي بينت ان 89% من اللاجئين السـورين لا يرغبون بالعودة الى بلادهم بعد ان اندمجو اجتماعيا واقتصـاديا داخل المملكة؛ لذلك فأن مسألة التعامل مع قضية اللاجئين اليوم لا ب د من أن تأخذ مسا اًر وطابعاً آخر، خصوصا وأ ن فرص عودتهم ض ـعيفـة وبـاتوا جزءا من المجتمع، وبـالتـالي فـا ن الخطـاب الموجـه الى المجمع الـدولي لا بـ د أن يتغ ير وان يـأخـذ مسـ ا ار مختلفـاً. لمـا لهـذه الفئـة من متطلبـات تتعلق بتوفير الخـدمات الأسـاسـية والحيوية . لذلك ان توفير الحياة الكريمة للاجئين هي بالأسـام مسـؤولية عالمية واممية وليس ـت المملكة وحدها تتحمل هذا العبء لذلك لا بد من ان تعمل الأمم المتحدة لتمكين العودة الطوعية للاجئين، وحتى ذلك الحين يجب أن تحافظ وكالاتها على تقديم الدعم الكاف لهم.