كالدو..
الدكتورة فريال العساف
رؤية ملكية ثاقبة، واهتمام كبير من القيادة الهاشمية بتعزيز وحماية حقوق الانسان، مسيرةٌ حافلةٌ بالعطاءِ والتميَزِ والإنجاز على الدوام، تحققت خلال خمسة وعشرون عاماً منذ توليَ جلالة الملك عبد الله الثاني – حفظه الله ورعاه-سلطاته الدستورية. خطى الاردن خطوات بنَاءة لتعزيز واحترام حقوق الانسان في مختلف مجالات الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعسكرية ، اهتمامٌ ملكيَ، لم يكن وليد اللحظة من جلالة الملك عبد الثاني - حفظه الله – بحقوق الانسان ، فقد حمل على عاتقة استمرار نهج مسيرة العائلة الهاشمية من الإباء والاجداد لتكون المملكة الأردنية الهاشمية نبراساً مضيئاً لأهداف الثورة العربية الكبرى على أساس الالتزام بالقيم، والبناء على الإنجازات، والسعي نحو الفرص المتاحة، لتعزيز النهج الديمقراطي في المملكة كنموذج متكامل متوازن يقوم على إشاعة الحريات وضمان التعددية السياسية واحترام سيادة القانون وضمان الحقوق والتقدم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية . بإرادة سياسية حازمة ودبلوماسية فذّة ترجمتها كتب التكليف السامي الى الحكومات المتعاقبة، للنهوض بواقع حقوق الانسان، انسجاماً مع الإطار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه الأردن مؤكداً بكل حزم وعزم على اتخاذ السبل الكفيلة لضمان الشفافية والحيادية في دعم النهج الديمقراطي واستقلالية القضاء وقيام الدولة المدنية .
حقوق الانسان وصون الحريات العامة، لا تغيب عن الخطاب الملكي كسردّية تاريخية أصيلة، في مختلف المناسبات الوطنية والدولية والعالمية ، لتؤكد على التزام المملكة الأردنية الهاشمية بالوفاء بالتزاماتها لإعمال القواعد القانونية وما يتصل بها من سياسات وممارسات كفلها الدستور الأردني والمواثيق الدولية التي صادقت المملكة عليها وأصبحت جزءاً من منظومتها القانونية وما انبثق عن احكام الدستور من تشريعات وأنظمة وتعليمات لتؤكد باستمرار بأن المملكة الأردنية الهاشمية دولة القانون والمؤسسات في مسيرة التحديث والتطوير في المجالات كافة ، وتدحض طروحات التشكيك والمشككين؛ اذ لا توجد دولة في التاريخ الحديث تحملت آثار الصدمات الخارجية والداخلية أكثر من الأردن وعلى الرُغم من كل ما يحيط بنا من نزاعات وحروب وانهيار وتفسخ لمجتمعات يكون الأردن الملاذ الامن لكل لاجئ ليستظل بالأمان ويتذوق طعم الكرامة التي لم يجدها ببلده وهذه احد الأدلة الحية لنثبت للعالم أجمع كل يوم ان الأردن دولة الحق والمؤسسات وصون الكرامة والحريات . في عهد جلالة الملك المعزز اخذت حقوق الانسان النهج المؤسسي في تعزيز حقوق الانسان اذا كانت المملكة الأردنية الهاشمية على الدوام من الدول السابقة في التصديق والانضمام الى الاتفاقيات الدولية الأساسية المعنية بحقوق الانسان وتُرجم ذلك الانضمام بقواعد قانونية ناظمة في المنظومة القانونية الوطنية فقد تأسست في عام 2000 اللجنة الملكية في رئاسة الوزراء لحماية وتعزيز حقوق الانسان وأرست قواعد حقوق الانسان لتأطر بأحكام الدستور الاردنيّ وشكل الميثاق الوطني نبراساً لصون الحقوق الحريات كما و صدرت التوجيهات الملكية السامية لتأسيس المركز الوطني لحقوق الانسان كهيئة وطنية رقابية مستقلة إدارياً ومالياً تهدف الى تعزيز وحماية حقوق الانسان باستلهام رسالة الإسلام السمحة وما تضمنه التراث العربي الإسلامي من قيم مبادئ والاسهام بترسيخ مبادئ حقوق الانسان على صعيدي الفكر والممارسة وعدم التمييز بين المواطنين والمقيمين على ارض المملكة بسبب العرق او اللغة او الدين او الجنس كما وأنشأ في المملكة الأردنية الهاشمية تحت مظلة رئاسة الوزراء تنسيقية حكومية في رئاسة الوزراء تمثلت بمنصب المنسق الحكومي واللجنة الدائمة لمتابعة مدى انفاذ التوصيات الحقوقية التي تصدر عن المركز الوطني لحقوق الانسان والتوصيات الدولية الموجهة للأردن من قبل اللجان التعاهدية وغير التعاهدية ناهيك عن وحدات حقوق الانسان في اغلب الوزرات الرسمية والفريق الحكومي لحقوق الانسان من مختلف الوزارات والمرافق العامة . و على مسار السياسات العامة صدرت التوجيهات الملكية أيضاً بتشكيل العديد من اللجان الملكية في مختلف المجالات فقد تشكلت اللجنة الملكية لتطوير القضاء وسيادة القانون إيمانا من جلالته بأن العدل أساس الحكم فهو الركيزة الأساسية في إحقاق الحق وإقامة العدل وحماية الحقوق وصون الحريات. وأيمانا من جلالة سيدنا ان سيادة القانون اساس الإدارة الحصيفة وعماد الدولة المدنية التي تعتمد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص أساسا في نهجها ، والتي ترسخ مبدأ سيادة القانون وتحقق مبادئ العدالة والمساواة والنزاهة وتعزز من الثقة بسلطات الدولة ومؤسساتها فقد تشكلت المحكمة الدستورية لمراقبة تطبيق احكام الدستور. إضافة الى التوجيهات الملكية بتأسيس اللجنة الملكية لتعزيز منظومة المساءلة الوطنية لترسيخ مبادئ العدالة والشفافية فقد تشكل ديوان المحاسبة و هيئة مكافحة الفساد التي تضم تحت مظلتها ديوان المظالم، ليتحقق العدالة والمساواة والمساءلة على جميع مؤسسات الدولة وافرادها دون استثناء وخاصة ممن هم في مواقع المسؤولية من خلال ممارسات حقيقية على ارض الواقع. وعلى مسار تعزيز الحقوق المدنية والسياسية وحرصاً من جلالته انّ التحديث والتطوير من سمات الدول والشعوب الحية، فقد صدرت التوجيهات الملكية بتشكيل اللجنة الملكية لمنظومة التحديث السياسي التي أُنيط بها مهمة وضع مسودة مشاريع لقانوني الانتخاب والأحزاب السياسية والنظر بالتعديلات الدستورية المتصلة حكما بالقانونين وآليات العمل النيابي، وتقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحلية، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسية الضامنة لدور الشباب والمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة العامة و لضمان حق الأردنيين والأردنيات في ممارسة حياة برلمانية وحزبية ترقى بديمقراطيتهم وحياتهم، مع دخول الدولة مئويتها الثانية. فقد تشكلت الهيئة المستقلة للانتخاب اما على صعيد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتنموية فقد ارست التوجيهات الملكية السامية خارطة طريق للتحديث المستمر في ضمان التقدم الاقتصادي والاستثماري والتنموي وتعزيز الحماية الاجتماعية ترجمت رؤى سيدنا في رؤية الأردن 2025 و توصيات لجنة التطوير الاقتصادي وتطوير القطاع العام وبرامج أولويات الحكومة والاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية وما تضمنته الخطة الوطنية لحقوق الانسان من اهداف وغايات على كافة المسارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إنجازات عديدة تحققت في عهد جلالة سيدنا لا يمكن حصرها ببضعة اسطر لكن يبقى القول ان البناء على ما هو موجود ووفق ما هو متاح تحقيقا لرؤى جلالته هو الحل الأمثل لمواجهة كل التحديات من حولنا والسعي للتغلب على أصعب الصعاب لبناء اردن قوي متقدم واقتبس من أقوال جلالة سيدنا :" أن الدولة المدنية هي دولة القانون التي تستند إلى حكم الدستور وأحكام القوانين في ظل الثوابت الدينية والشرعية، وترتكز على المواطنة الفاعلة، وتقبل بالتعددية والرأي الآخر، وتُحدد فيها الحقوق والواجبات دون تمييز بين المواطنين بسبب الدين أو اللغة أو اللون أو العرق أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري".