كالدو..
إعداد الباحثة القانونية ملكة محمد الحلبي -لبنان
إن ما يتم إرتكابه الآن في السودان على صعيد القانون الدولي الانساني هو إنتهاك لحقوق الإنسان الذي يسري في النزاعات المسلحة،ولا يُذكر بشكل صريح في نصوص القانون الدولي الإنساني عن هذه الجرائم بل ورد ضمن السلوكيات المحظورة بشكل عام مثل "الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية" أو "الاعتداء على الكرامة الشخصية" أو "التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهيــنـة".
وقد اعتبر الاغتصاب والعنف الجنسي لفترة طويلة "ضررًا تبعيًاً" للحرب، ولم يتمّ تمييزه عن الجرائم الأخرى التي ترتكب ضدّ المدنيين ومن الأمثلة الحديثة ظهرت في البوسنة ورواندا على نطاق واسع وكسلاح حرب ارتبط بسياسة التطهير العرقي.
وتعدّ هذه الجريمة حاليًا وبصورة رسمية بموجب القانون الدولي جريمة ضدّ الإنسانية، وجريمة حرب عند ارتكابها ضمن سياق نزاع مسلح دولي أو غير دولي، وجريمة ضد الإنسانية عند ارتكابها في إطار هجوم منظم على السكان.
تهدف أحكام معينة من اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الإضافيين لها لعام 1977 إلى حماية النساء من التهجم على شرفهن وإهانات الكرامة الشخصية والمعاملة المهينة والمذلة، وبصورة خاصة، الاغتصاب، أو أي شكل من أشكال التهجم غير اللائق في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، (اتفاقيّة جنيف 4 المادة 27؛ البروتوكول 1 المادة 76؛ البروتوكول 2 المادة 4)، ويجب على الدول الأطراف، في أي وقت أو أي مكان، ضمان منح النساء الضمانات الأساسية التي تنصّ عليها الاتّفاقيات التي تحظر العنف على الحياة والأشخاص وبصورة خاصة جرائم القتل بكافة أنواعها، والبتر، والمعاملة القاسية، والتعذيب (اتفاقيات جنيف 1-4 المادة 3 المشتركة).
وتوضح القاعدة 93 من دراسة عن القانون الدولي الإنساني العرفي التي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 2005 حظر الاغتصاب وغيره من أشكال العنف في القانون الإنساني العرفي ذي الصلة بالنزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
و الدليل على ذلك هو الأخبار التي ظهرت عبر وسائل التواصل الإجتماعي بالإضافة الى نشر تقارير وشهادات جديدة توثق وتدين هذه الظاهرة الخطيرة والبشعة.
من سلسلة الإنتهاكات الدولية والإنسانية المرتكبة بحق النساء هو أننا في العام 2024 و يوجد "سوق لبيع النساء " في دافور ،وقد جزم مساعد محمد مدير المركز الافريقي للسلام والعدالة بصحة المعلومات المتداولة بشأن أسواق لسبي وبيع النساء والفتيات والاستعباد الجنسي في دارفور مبيناً إن الحرب الحالية يجري خوضها على أجساد النساء في السودان، وأيضاً أكدت مديرة وحدة العنف ضد المرأة والطفل (مؤسسة حكومية) سليمي اسحاق، وجود هذه الأسواق.
وقد جرى مقابلات مع 45 من الضحايا والشهود وأسر ناجين، بشأن بعض النساء والفتيات من شمال السودان وجلبهم إلى دارفور، و تم توثيق لعدد كبير من الانتهاكات المتمثلة في الاستعباد الجنسي و التحرش والاغتصاب والاختطاف التي جرى ممارستها على نطاق واسع.
تشير الإحصائيات الأخيرة بوقوع (136) حالة عنف جنسي موثقة ارتكبتها قوات معادية،علماً أن هذه الأرقام لا تعكس الواقع وإنما تمثل (2٪) فقط منه، إلا أن هناك الكثير من الحالات لم يتم الإبلاغ عنها بسبب ظروف الحرب وعوامل اجتماعية أخرى، وتأكيداً على ما نقوله هو "هيئة محامي دارفور" عن وجود اختطاف نساء من عناصر ميليشيا عربية، حيث اشترطت إطلاق سراحهن مقابل الفدية، كل هذه الأفعال تمثل جرائم دولية بحق النساء السودانيات في ظل تعتيم إعلامي متعمد عليهن .