كالدو..
أڤــيــن الكردي
ما نلاحظه مؤخراً بأن الترويج للسلع التجارية، السيارات أو البرامج و مختلف الإعلانات لا يتم إلا بصورة جسد إمرأة شبه عار أو إيماءات مخلة بالآداب و التقاليد بمبرر"الجمهور عايز كده".. أو كما يقال في الغرب "Sex Sells"
وكأنما لا وسيلة لجذب الانتباه إلا بتوظيف جسد إمرأة عار أو إيماءات جنسية وحتى أصوات و بوضع مقاييس جمالية للمرأة لا علاقة لها بالوظائف الإنسانية لها، كالحمل والولادة و الأعمال المنزلية والرضاعة والجنس و الإغراء بأنواعه، وتنعكس هذه الممارسات الإعلانية على المجتمع سلبًا.
لذلك أصبح جسد المرأة محطة من خلالها تسوق المنتجات و تزداد المبيعات.. لكن.. ما المترتب على ذلك؟ في ميثاق الشرف الإعلامي العربي الذي أقرته جامعة الدول العربية، توجد مادة تنص على الالتزام بأخلاقيات المجتمع العربي وعدم استغلال المرأة والطفل في الحملات الإعلانية بشكل يسيء إليهما لكن هل تم التقيد بما نص الميثاق؟
التسليع أو التشييئ الجنسي للمرأة يعني النظر إلى المرأة كأداة متعة جنسية،أو استخدامها كشيء للتزيين بدلًا من كونها إنسانًا مستقلاً في أفعاله وقراراته مثل وقوفها بجوار سيارة بطريقة مغرية وبملابس كاشفة، لتعزيز العلامة التجارية، وليس تصويرها كعميل أو مستخدم للسلعة. والملفت للنظر أن النساء يوظف تسليعهن حتى في إعلانات السلع الرجالية والتي لا تمت للنساء بصلة. ويترتب على ذلك تقدير قيمتها بناء على جاذبيتها الجنسية، واستبعاد شخصيتها وفكرها، ليصل إلى حد الإباحية. وفي ظل العولمة انتقل الأمر من الغرب إلى وطننا العربي، دون مراعاة لقيمنا وثقافتنا.
تجريد من الانسانية التشييئ الجنسي للأطفال نأتي للفتيات في الرسوم المتحركة يرتدين ملابس كاشفة، ولا علاقة لها بالأدوار التي تؤديها الشخصيات. ويتم تصويرهن في كثير من أفلام الأطفال ككائنات منزلية، وبمشاهد رومانسية ، لا يشغلهن سوى مظهرهن والفتيان و الجانب العاطفي. وترسخ نفس الفكرة دمية الباربي تلك المعاني أيضًا، فكل دمى الباربي تقريبًا لها مقاييس جسدية معينة، غالبًا ما تتمثل في البشرة البيضاء، والقوام النحيف، والملابس القصيرة، والعيون الواسعة، والرموش الطويلة. وهي نفس المقاييس الجمالية التي ترسخها الإعلانات والأفلام والأغاني.
أو يتم تصوير إعلان بيع حفاضات بجسد عار للطفل تقوم أمه بوضع الحفاض له و بعدها تتحسس جسمه لتثبت للمشاهد بأن جسد طفلها جاف و هذا النوع من الحفاضات لا يسبب التسريب أو البلل.
نصت المادة 16 من ميثاق الشرف الإعلامي العربي على الحرص على حماية الأطفال و الأحداث من مخاطر المواد الإعلامية أنماطاً سلوكية غير سليمة تتناقض مع القيم النبيلة .
انتبه لتربية ابنتك تنشأ الفتاة منذ الصغر على أنها تابع لزوجها وأن الزواج هو ما يعطي قيمة لها، وأن جسدها يجب أن يكون مثاليًا لتعجب زوجها. حتى الفتيات الصغيرات لم يسلمن من التشييئ الجنسي. فتطلَى ملامح الصغيرات البريئة بمساحيق التجميل، ويرتدين ملابس النساء، ويصورن بأوضاع جسدية وتعبيرات وجه إغرائية. وتصور النساء وهن يرتدين ملابس أطفال قصيرة ويلعقن المصاصات.
لماذا يستخدمون الجنس في الإعلانات؟ الهدف الأساسي للمعلن يتمثل في إقناع المستهلك وجذب انتباهه. وحتى يحقق هذا الهدف، فإنه يجب أن يجعل المخ يتفاعل. والجنس يدغدغ مراكز العاطفة في المخ، ويحطم المحرمات أو “التابوهات” ويلمس الاحتياجات الأساسية عند الإنسان. وفي ظل ازدحام الإنترنت والتليفزيون بالإعلانات، فإن المنافسة بين المعلنين صارت أكثر شراسة، مما يشجع على استخدام الجنس بشكل أكبر. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإعلانات صارت لا تهدف إلى بيع منتجات فقط، ولكنها تروج لنمط حياة.
هل صحيح أن الجنس يبيع "Sex Sells"؟ نجد بحيادية أنه نعم .. الجنس يلفت الانتباه لمن يهمه أمر كهذا أو لا، ولكن ليس بالضرورة إلى أن يتم البيع أو زيادة المبيعات بسببه. لكنه يفيد في مساعدة المشاهد أو المشتري على تذكر الإعلان أو المنتج الذي يتم الترويج له. لكن نرفض نحن كمجتمع محافظ شرقي مسلم هذه الطريقة لشهرة السلع، إلا أنه يجب تكرار وتجديد استهجان هذه الفكرة ما حيينا حتى لا نألف و أبنائنا أفكار غربية سامة.
أثر التسليع على المجتمع ترك التشييئ الجنسي للمرأة آثارًا سلبية ليس على المرأة فقط، ولكن أيضًا على الرجال والأطفال فتيات وفتيان، وعلى المجتمع بأسره.
علاقة المرأة بذاتها و صورتها الذاتية إن الأم تمر بتسعة أشهر شاقة من الحمل، يزيد فيها وزنها ويتعرض جسمها لتغيرات كبرى. وبعدها تتعرض للجراحة ربما عدة مرات لتنبثق منها الحياة، ثم تسهر الليالي ترضع وتنوم وتغير الحفاضات. أما حركتها فتقل، وتصير ملازمة للمنزل لفترات طويلة لرعاية صغارها. هل يعقل أن تحتفظ تلك المرأة بجسد فتاة في العقد الثاني من العمر؟! إنه أمر مستحيل ومضاد للطبيعة و غير قابل للتطبيق غالباً على الواقع.
التأثير النفسي على المرأة والطفل صرحت الدكتورة نضال البشيتي- الأخصائية النفسية لمجلة كالدو بأن التسليع الجنسي يعتبر نوع من أنواع العنف الجنسي ضد المرأة والأطفال من كلا الجنسين حيث نجد لديهم اضطرابات بالأكل والنوم وفكرية بتقدير الذات ويعانون من درجات مختلفة من الاكتئاب وما يدرج ضمن أعراض الاكتئاب من عدم الرغبة بممارسة نشاطات الحياة اليومية واضطرابات جنسية وتشمل كافة أنوع الاضطرابات النفسية الجنسية.
وأضافت البشيتي بأنما هو أخطر من ذلك الدخول بعالم تسليع الذات حيث يفقد الفرد القيمة وتقدير الذات وينظر لنفسه على انه فقط سلعة يجني أو يعتاش من وراءها، وهذا الأمر ينعكس على سلوك الفرد ويتم بذلك رفضه من المجتمع ( بدرجات مختلفة حسب تقيم ونظرة المجتمع المحلي لمثل هذا السلوك) وأوصت البشيتي الأهل قبل المسؤولين بأن الاهتمام ومتابعة الأبناء ومن يتواصلوا معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي لوجود تنامي لظاهرة الاستغلال للأطفال بهذا الجانب و اختتمت البشيتي بقولها الله يحفظ الجميع.
ماذا يجب؟
• التربية الإعلامية في المدراس و الجامعات بهدف تدريب الطلاب منذ الطفول على نقد هكذا رسائل إعلامية . بالتعاون مع الأهل و التصحيح الدائم للرسائل المدمرة.
• يجب استخدام قوتنا الشرائية و نقوم بالرفض البات للشراء من العلامات التجارية التي تهين النساء في موادها الدعائية.
• التقاط صورًا لإعلانات المسيئة للنساء، نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، مع التوعية والتنويه بخطورة الأمر.
• دعم العلامات التجارية التي تمكّن المرأة و تحترم كيانها و كذلك الطفل.