كالدو..
شذا شاهر حمشو
بعد ما أصبحت العبودية حق مشروع , ماذا عن الكلاب البشرية؟؟
حين كنا في زمن العبودية ، كان جل اهتمام الإنسان هو التحرر من هذه القيود والأكبال التي تعيق الحياة بكافة معانيها . وفيما بعد أتت الأديان وكرمت الإنسان بشتى السبل لتعتقه من هذا الاستعباد الذي مارسته فئة من الناس على الأخرى . وبعد قرون وعقود من الزمن عاد البعض من البشر إلى التخلي عن إنسانيتهم والإنحدار نحو العبودية . ولكن في هذه المرة كانت الأشكال مختلفة فلم تكن أفعال قسرية تُفرض على الإنسان ، وإنما كانت اختياراً قائماً على انحرافٍ سلوكي وخلقي وجنسي ، هذه المرة لا تشبه كل ما سبقها من الإنحرافات والآفات الخلقية المنافية للفطرة البشرية ، فبعد أن أصبح مجتمع الميم مقبول بل ومفروض على الصعيد السلوكي والاجتماعي والقانوني في الكثير من الدول، جاء ماهو أخطر وأشد فتكاً في الإنسانية وكأن الحياة تنذر بشؤم يفوق الخيال ، فما هو؟؟
انه الاستكلاب ! ! أو ما يسمى بالكلاب البشرية وهي ظاهرة بدأت في بريطانيا منذ تسعينات القرن الماضي وامتدت إلى عدة دول أوروبية، يقوم فيها الأشخاص بتقمص شخصية الكلب شكلاً وسلوكاً حيث يرتدون ملابس جلدية ضيقة ويمتنعون عن الكلام ويكتفون بالنباح ، وما إلى ذلك من سلوكيات الكلاب !!! وفي إطار خذلان الإنسانية لم يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما تجاوز كل الحدود وتم إنشاء متاجر كبيرة مختصة بمستلزمات الكلاب البشرية على كافة أنواعها من ملابس وأذنين وذيول وعظام وغيرها من مكملات طقوس الاستكلاب ، إلى جانب تقديم الدعم النفسي والمجتمعي من خلال نوادي متخصصة تعلمهم العيش على أنهم كلاب من خلال تدريبهم على النباح وإذلال الإنسانية بداخلهم عبر سلوكيات الكلاب التي يقومون بتقليدها. ومن شدة وطأة الإنحراف قدم المستكلبين أنفسهم للبيع والتبني مقابل مبالغ مادية باهضة، والمثير للدهشة أن هناك من يدفع هذه المبالغ لتبنيهم !!
مسببات انتشار هذه الظاهرة : لم تقتصر أسباب الانتشار على المنحرفين سلوكياً وجنسياً بل تعدت ذلك لتطال عباد المال الذين يبررون لأنفسهم الانحراف بحجة الأوضاع الاقتصادية وكأن العالم بات يخلو من مجالات العمل وكسب المال إلى الحد الذي يضطرهم لعرض أنفسهم للبيع والتبني على هيئة كلاب بشرية!!! ومن جهة أخرى هناك اضطرابات نفسية أطلق عليها (المازوخية) وهي حالة من تلذذ الفرد بالإذلال الذي تشكل لديه نتيجة شدة التعرض له فيما سبق من مراحل حياته ، ولكن النقطة الأهم في كل ماسبق هو تجاهل علاج هذه الحالات على الرغم من إمكانية ذلك !! وليس هذا فحسب بل تم دعمهم والترويج لهم والعمل على زيادة أعدادهم بشتى الطرق ، فكيف ذلك ؟؟ من وجهة نظر الكثيرين ، لايمكن لإنحراف بهذا الشكل أن ينتشر بسهولة لابد من أيدي داعمة وفكر مخطط لها وإن لم يكن ذلك فلما تم الترويج لجمالية حياة الكلاب البشرية من خلال السينما وبرامج الأطفال التي تحقن العقول بالشذوذ الفكري بشكل مدروس وخبيث لأبعد الحدود !! لماذا يتم تنظيم مسابقات خاصة بالكلاب البشرية في ظل حضور مجتمعي هائل وتشجيع غير مسبوق !! لماذا بعد العمل على زيادة الأعداد في الخفاء ، تم تسليط الضوء عليها وإظهارها للإعلام على أنها أمر واقعي وحق طبيعي للإنسان !! وهنا يلامسنا الشك لأنه من غير المعقول أن يكون تكريم الإنسان الذي ميزه الله بالعقل والقامة هو السماح لسقوطه في هاوية اللاعقل واللانسانية مع إبقائه حبيساً للإضطرابات النفسية والإنحرافات السلوكية على اختلافها !! أليس إظهارهم بهذه الطريقة وهذه الأعداد هو أمر مدروس لمضاعفة أعدادهم في المجتمع بشكل أضخم، وتسهيل قبول الفكرة من قبل الكثيرين مع جذب المنحرفين والشاذين للإنضمام لهم !!.
لما كل هذا الترويج والدعم والتسويق الإجتماعي لمثل هذه الإنحرافات ؟ بإمكانكم استنتاج الإجابة بمفردكم !! ولكن من وجهة نظري الشخصية ما هو إلا رغبة في تغييب العقول وتفكيك المجتمعات وتشتيك الفكر وصلخ كل ما يمت للسلوك السوي بصلة , وكل ذلك لأهداف بعيدة المدى لايمكن للجميع إدراكها قبل فوات الآوان.
واليوم بعد أعوام من انتشار الظاهرة في الدول الغربية نشاهد وصولها إلى الدول العربية والمجتمعات الإسلامية المحافظة حيث الأساليب تعددت ووسائل التواصل الإجتماعي كثر ومن البديهي أنه تم استغلالها لتوسيع انتشار هذا الانحراف الأخلاقي من قبل المستفيدين والمنحرفين . وهنا يمكننا ذكر أن عدد المستكلبين في مصر قارب الألف حالة وفي الواقع ربما أكثر بكثير فهناك تزايد مستمر وحالات غير معروفة للعلن. إضافة لعدد من الحالات في بعض دول الخليج العربي واللبنان والجزائر.
في النهاية ، الإنحرافات الخلقية أصبحت في متناول المجتمعات كافة على اختلافها وتعدد ثقافاتها والخطر يحاوط الأجيال الصاعدة من كل حدبٍ وصوب ، لذلك فإن مواجهة هذه الظاهرة أصبح أمر لابد منه والمسؤولية في ذلك تقع على عاتق المجتمع الدولي بأكمله ومن الضروري سن وتكثييف وتنفيذ القوانين الرادعة إلى جانب الحملات التوعوية للمجتمعات.