الدكتور هاني الجبالي يكتب كيف تنشئ أسرة مضطربة نفسياً؟؟

كالدو..

الدكتور هاني الجبالي

أخصائي الطب النفسي و معالجة الإدمان

أسر متصدعة.. ومضطربة.. ونجد أن عوامل الهدم بها أكبر بكثير من عوامل البناء والاستمرار والاستقرار.. وأن العقل قد ألغي تماماً.. وقد سيطر على المناخ في هذه الأسرة الجانب الانفعالي والمزاجي.. حيث يحرص كل طرف على إذلال الطرف الاخر في العلاقة الزوجية وتحقيق أكبر قدر من المكاسب على حساب الشخص الآخر مع رغبة أكيدة في إثبات الذات.. ما ذكر وللأسف هي صفات الأسرة تنشئ الاطفال المضطربين نفسياً

حيث يكون الضحايا في هذه الحالة هم الأبناء مع الأخذ في الاعتبار أن مثل هذه الأسر تنتج مرضى ومضطربين ومدمنين ومجرمين وجانحين وكافة صور وأشكال الاضطراب والتي تمارس إجرامها وإضطرابها وإدمانها رغمًا وقهرًا.. مع ما يخلفه ذلك من آثار طويلة ومتوسطة أو قصيرة المدى على المجتمع ككل .

كيف تنشئ أسرة مضطربة نفسياً؟

استحواذ السلطة للأب او الأم (حيث يكون أحدهم قاهر والاخر مقهور) أو في حالة من الصراع الدائم لاستحواذ السلطة.
الأدوار المقلوبة: حيث تقوم الزوجة بدور الزوج، فالزوجة هي تخرج للعمل وهي التي تنفق على الأسرة وتحدد ما يجب وما لا يجب (بناءاً على سلطة المال التي يمتلكها.(
غياب المسؤلية: حيث نجد أن أحد الزوجين يلقي المسؤلية على آخر مما يؤدي إلى عدم الأحساس بالمسؤولية وإذاً فإن شيوع (وأنا مالي) و (مش شغلي) هي الأكثر استخداماً وانتشاراً.
غزو الخصوصية: لا توجد خصوصية تميز كل فرد.
غياب لغة الحوار والانصات وعدم المقاطعة وهدؤ الصوت.
التواصل السيء: تواصل مبهم وغامض ومتعارض بحيث أن الشخص من الممكن أن يقول شيئاً ويفعل عكسه تماماً.
إهانات وشتم متبادل والشماتة في فشل الشخص الآخر والأستمرار بمعايرته وتسفيه أقواله وأفعاله.
التهديد المستمر فيكثر ترديد كلمة الطلاق من الأب، وتكثر جملة (بتركلك) من الأم، وهذا بحد ذاته يخلق قلق وعدم إستقرار لدى الاطفال.
عدم احترام الأب والأم لبعضهما أمام الأطفال وأمام الناس وتشويه صورة أحد الأبوين للأخر.
ضرب الأب للأم أو العكس أو كليهما:وهنا نشير أن الضرب وإذا كنا نذكره كعلامة يمكن أن تترك بعض المؤشرات على الجسد، فإن القهر والكلام الجارح قد يكون أكثر إيلاماً من الضرب ويعمل على تحطيم النفسية.
استخدام الأطفال كعامل تهديد:
إذ قد تنشط الأم إلى شحن أطفالها وبثفي عقولهم ونفوسهم بأن الأب سيء وأنه يريد التخلص منها، ولكن "عليكم أن تكونوا معي وأن لا تتركوني لأنني لو تركتكم له فسوف يفعل بكم وفيكم أسوء مما ترونه يفعله الآن، وأنه ليس إنسان فهو متوحش" وتظل تسرد قائمة من الصفات السلبية والشريرة التي تلصقها بصورة هذا الأب.
والأخطر أن يلجأن طرف إلى ضرب الأولاد بهدف إغاظة الطرف الآخر، وتحريضه على أن يعترض أو يتدخل لمنع الضرب فتكون النتيجة فرصة ليتم ضربه، أي أن الأطفال هنا مجرد سنارة وطُعم لجر الطرف الآخر إلى حلبة الضرب لكي يتم ضربه وغالباً ما يكون الطرف المضروب أو المعنف هي الزوجة .
سوء التعامل مع المشاعر: فنجد عدم الواقعية مع المشاعر واللأحاسيس وأنهم يتبعون قاعدة ذهبية خلاصتها الصمت والسكوت والكبت أو قد يلجئون إلى حيلة آخرى وهي المبالغة في التعبير عن المشاعر مع غلبة الجانب الجسدي عن الجانب اللفظي من خلال (الصراخ والبكاء وتمزيق الملابس، ولطم الخدود وإحداث إصابات بالجسد والدخول في حالات من الإغماء، وهذه كلها تعابير لا ترتقي إلى مستوى النضج الانفعالي والعقلي لأفراد هذه الأسرة.
توقع الشر وتوقع حدوثه الدائم والمستمر: حيث يتم النظر إلى كل شخص بأنه سوف يكون سبباً أو مصدر من مصادر الشر ويتم تبادل مثل هذه التوقعات في الحديث اليومي بين أفراد هذه الاسرة.
عدم الأحساس بالواقع والتعامل معه: فإن الأسرة المضطربة لا تتعامل بواقعية مع الواقع بل نجد الميل المستمر لإنكار الحقائق خاصة لو كانت تلك الحقائق مؤلمة، بالإضافة إلى الهروب للخيال وأحلام اليقظة، وهذا شيء متوقع لأن عدم التعامل مع الواقع يجعل الفرد يهرب إلى واقع أسهل في إستدعائه والتعامل معه إلا وهو الخيال، ولعل الأستمرار في الهروب يقود إلى شتى ضروب الإضطراب .
وأخيرًا الإنفصال وإتخاذ قرار الطلاق ولكن دون تنفيذ: وهنا قد تكون مسافة أو فجوة بين القرار (العقلي/النفسي في الطلاق) وبين التنفيذ، مع الأخذ في الأعتبار أن الفرد طالما قد اتخذ قراراً بالطلاق من الطرف الآخر فإن المودة والرحمة والحب والمشاعر الأنسانية تختفي، وكل هذا سيعكس بطريقة سلبية على الأطفال.

ارفقوا بأطفالكم.. ولنحمهم ولا نؤذهم..