كالدو:
الدكتوره مشاعل خصاونه
مديرة سياحة محافظة اربد
مفهوم السياحة التراثية بحسب الصندوق الوطني للحفاظ على التراث التاريخي بأنها السفر من أجل تجربة الأنشطة والأماكن والاطلاع على التحف وقصص الناس التاريخية وثقافاتهم ومواردهم الطبيعية وغيرها من الأمور، وفي تعريف آخر للسياحة التراثية بأنها نوع من السياحة الموجهة نحو الثقافة والتاريخ من أجل الاطلاع على الأثار وحضارات الناس في الماضي والحاضر، حيث،يرتبط هذا النوع من انواع السياحة ارتباطاً كبيراً بالسياحة التي تعتمد على الطبيعة، أو السياحة البيئية؛ مثل التراث المبني، أو المواقع المعمارية، أو مواقع التراث العالمي، أو النصب التذكارية، أو مواقع التراث الثقافي، والتي تشمل المتاحف، والمكتبات، أو للتعرف على الأدب، والفنون، والتراث الشعبي لمنطقة معينة.
وقد كانت توجيهات جلالة الملك حفظه الله ورعاه في مؤتمر لندن للمانحين ضمن الخطاب الملكي الى اهمية مواقع التراث العالمي في الاردن واهمية زيارتها لما لها من اهمية في الموروث العالمي، حيث تعتبر عناصر مواقع التراث العالمي في الاردن من اهم عناصر الجذب السياحي وهو ما يطلق عليه اسم السياحة الثقافية. والتي تتيح للسائح من خلالها الاطلاع على المنتجات المادية للحضارات السابقة بكل مقوماتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية، وهناك عللاقة تكاملية وتبادلة بين السياحة الثقافية من جهة واعادة التوظيف للتراث العمراني من جهة اخرى. فكل منها اداة لتحقيق الاخر فالسياحة الثقافية تهتم بالتراث العمراني بشكل كبير من حيث المحافظة على ديمومته وابرازه.
المواقع التراثية في الأردن
فيما يلي بعض المواقع التراثية في المملكة الأردنية الهاشمية والمسجّلة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو
- مدينة البتراء: تعتبر إحدى عجائب الدنيا السبع وهي من بقايا الحضارة النبطية والتي تعتبر مكان التقاء التقاليد الشرقية القديمة بالهندسة المعمارية الهلنستية، وتمّ تسجيلها بقائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1985م.
- قصر عمرة: يعتبر هذا القصر من بقايا الحضارة الأموية، وتمّ سجيله بالقائمة في عام 1985م.
- أم الرصاص: تعد قرية أردنية تحتوي على أرضيات من الفسيفساء والكنائس البيزنطية القديمة، وتعتبر من الإبداعات والابتكارات على مرّ العصور، وتم تسجيلها في القائمة في عام 2004م.
- وادي رم: يمثل المشهد الصحراوي المثالي والرائع، ويحتوي على بعض النقوش القديمة والتي تعود بتاريخها الى 12000 سنه وتم تسجيله بالقائمة في عام 2011.-
- موقع المغطس عند نهر الأردن، حيث يعتقد، حسب الديانة المسيحية، أن المسيح عُمد على يد يوحنا المعمدان وتم تسجيله بالقائمة عام 2015.
- حديثا تم ادخال فن السامر الاردني ضمن القوائم التمثيلية للتراث غير المادي العالمي ونتطلع الى ادراج المزيد من المواقع الاردنية ضمن مواقع التراث العالمي فهناك العديد من المواقع على امتداد الوطن الكبير تستحق ان تكون ضمن القوائم العالمية للتراث ومدرجاً على القائمة الأولية وعددها يقدر ب 16 موقع.
- وانضم موقعا جديدا مؤخراً حيث تم أُدرجه في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، هو "السلط مدينة التسامح وأصول الضيافة الحضرية في الأردن عام 2021.".
أن إدراج 6 مواقع أردنية أثرية على قائمة التراث العالمي يعزز مكانة المملكة على خريطة السياحة العالمية..
نلاحظ ان مواقع التراث العالمي تتوزع جغرافيا ضمن محافظات المملكه، ويمكن العمل على تنميتها والنهوض بها من خلال استثمار وتنمية هذه المواقع بهدف خلق فرص العمل والتشغيل للشباب للحد من البطالة والفقر من خلال القيام بعمليات الترميم والحفاظ المستدام لهذه المواقع التي تعد ملكا للانسانية .
كيفية تطوير السياحة التراثية
فيما يلي عدّة عوامل تعمل على تقوية وتنمية قطاع السياحة التراثية:
- إعادة هيكلة وترميم المواقع الأثرية؛ الأمر الذي يعمل على جذب السيّاح من الخارج والداخل على حدّ سواء.
- الاهتمام بالمهرجانات والنشاطات التي تُقام داخل المواقع الأثرية؛ الأمر الذي يعمل على تنشيط العملية السياحية.
- تعديل القوانين والتشريعات الخاصة بالسياحة لتتناسب مع السياحة ومع ما يريده السائح وذلك لتنشيط السياحة التراثية.
- العمل على استقطاب السائحين من مختلف البلدان وذلك من خلال تسهيل الإجراءات القانونية للسياحة التراثية.
-الاهتمام بالدعاية والإعلان عن المواقع الأثرية على المستوى المحلي والدولي؛ الأمر الذي ينعش قطاع السياحة ويستقطب مختلف أنواع السيّاح..
ختاما تعدّ السياحة التراثية وسيلة مهمة لمعرفة الأماكن التي تعكس الإبداع الجمعي لمجتمع من المجتمعات، والتعرف على حياته بجوانبها المختلفة الثقافية والتاريخية والطبيعية، وهي أيضا مصدر مهم من مصادر الدخل القومي حيث أظهرت الدراسات أن سياح التراث يبقون لفترة أطول في المكان؛ مما يجعلهم ينفقون أكثر، بالإضافة إلى أن تكاليفها أقل؛ فهي فرصة لعدد كبير من المرتادين. من هنا، فإن السياحة التراثية تعتبر ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، وهي فرصة استثمارية في المحافظات التي تحتضن مواقع أثرية وسياحية متنوعة لاسيما تلك التي تعكس غنى المنتج السياحي الأردني وتميزه. إن ما يمتلكه الأردن من إرث ثقافي يمكن أن يقف إلى جانب السياحة العلاجية والتعليمية وغيرهما من أنواع السياحة الأخرى؛ لرفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة، والتقليل من بؤر البطالة والفقر، ولتحقيق أفضل عائد منها لا بد من تسويقها بصورة جدّية ومتواصلة عن طرق الاشتراك في المعارض الدولية المتخصصة، وتوزيع المنشورات الإعلامية في الأماكن التي تضمن إيصالها إلى المهتمين بها، وتثقيف أفراد المجتمع المحلي بأهمية السياحة التراثية، وإشراكه في الترويج لها، وتدريبه على تسويقها بواسطة تعامله مع السائحين بطريقة حضارية؛ لإظهار الوجه الإيجابي للمجتمع الأردني، ولا بد أيضا من عمل القرى التراثية التي تحقق للزائر المعرفة والاطلاع، والتسوق من المنتوجات المحلية التي بدورها يمكن أن تحقق مزيدا من الجذب السياحي لتراثنا من قبل سائحين جدد، وعمل المطابخ الشعبية لتقديم الطعام الشعبي الذي يرغب به كثير من زوار الأردن، إضافة إلى تقديم وسائل الراحة والترفيه، وتوفير الأمن السياحي.. لا بدّ من تضافر الجهود لتعزيز الشراكة بين جميع المؤسسات الوطنية والخاصة من جهة، والمؤسسات الأكاديمية من جهة أخرى، وهو ما تقوم به وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة ، عن طريق وضع الخطط الشاملة المناسبة لدعم السياحة وتنشيطها، وعقد المؤتمرات المتخصصة لتبادل الخبرات بالتعاون والتنسيق مع الجامعات، وإتاحة الفرصة للمشاركين للاطلاع على المواقع السياحية المتنوعة في الأردن، إضافة إلى مساهمة الجامعات في رفد القطاع السياحي بمزيد من الكوادر العلمية المؤهلة، وهو أمر بات ضروريا في باب مواءمة مخرجات التعليم الأردني وحاجات السوق سواء في قطاع السياحة أو غيرها من القطاعات الحيوية الأخرى.
حمى الله الاردن قائدا وشعبا وتبقى الراية الاردنية خفاق عاليا والامن والامان يعم الاوطان لتبقى السياحة منارة ومقصد زيارة واستمتاع من قبل كافة بقاع العالم.