كالدو..
الوقوع ضحية علاقات الحُب المؤذية مع الرجال، اختيار تتجه إليه بعض النساء بكامل إرادتهن، فيما تنجرفن الأخريات بفعل قدرة هؤلاء الرجال على الإقناع والتلاعب اللفظي، وربما انجذاب النوع الأول منهن يجعلهن يتعاطفن مع الرجال الملقبين اجتماعيًا وعلى المستوى العالمي حاليًا بـ«أصحاب العلاقات التوكسيك (السامة)». تلك الحالة من التعاطف التي أصابت الكثير من النساء، بداية من الأيام الماضية وتزامنًا مع عرض الحلقات الأولى من المسلسل اللبناني الثمن، بطولة الفنان باسل خياط، الذي يقدّم دور الشخصية العاشقة للعلاقات غير الجادة، حيث ترسخ بعقله أن كل النساء خائنات بعدما تعرضت والدته للخيانة من زوجها ووالد خياط بالعمل الدرامي.
العلاقات السامة، هي المُسببة للإيذاء النفسي أو العقلي للطرف الضحية.. توضح دكتورة علم النفس والإرشاد الأسري بجامعة سان دييغو الأمريكية، إليزابيث سكوت، أبرز علاماتها، لافتة إلى تسببها في الشعور بالضعف والاستنزاف وزعزعة الثقة بالنفس، كذلك الاحساس بعدم تلبية الشخص السام لاحتياجات الشريك الثاني بالعلاقة، بالإضافة إلى دخول النساء في حالة تأهب لأي هجوم مفاجئ مرات عديدة، بالتالي بذل جهد كبير في محاولة إرضاء وإسعاد الطرف الآخر والاستعداد للتغيرات المفاجئة، وهي تصرفات تغذي المشاعر السلبية لديها مثل القسوة والحقد والكراهية والألم.
تؤثر تلك العلاقات على الصحة العقلية مُؤدية إلى الشعور بالاكتئاب والقلق، بالإضافة إلى تأثيراتها بعيدة المدى على حالتك الصحية البدنية، وتقول الأخصائية النفسية المتخصصة في مجال المرأة والتوتر، إنه أثببت دراسة طويلة الأمد ركزت على حالة أكثر من 10000 أن الأشخاص في العلاقات السلبية أو السامة كانوا أكثر عٌرضة للإصابة بمشاكل في القلب، بما في ذلك أمراض القلب القاتلة، على عكس الأشخاص الذين لم تكن علاقاتهم المقربة مُسممة. لكن رغم تلك الأبحاث والدراسات والألم النفسي الذي تعيشه النساء إثر التعامل مع رجال «توكسيك»، يا ترى ما الأسباب وراء البحث والإصرار في التمسك والتعاطف معهم؟!
يبدو أن هناك شعارات وأسباب ترددها النساء والفتيات للتماشي مع السلوكيات المؤذية، إذ تقنع المرأة نفسها بعد الإنجذاب إلى الرجل السام أنها بإمكانها تعديل تصرفاته بإصلاحها أو تغييرها تمامًا، تلك العبارات ليست إلا وسائل خداعية تغرسها داخل عقلها شيئًا فشيئًا، ولا تأتي بنتائج إلا الندم والحزن بدخولها تلك التجربة مع الشخصية السامة أو وقوعها في فخ إدمان العلاقات السامة. وتعبر مدربة العلاقات تشيرلين تشونج عن مرارة الشعور بإدمان الشخصية السامة، قائلة: «لقد أصبحنا مدمنين للغاية لدرجة أننا أصبحنا مستعدين للتضحية بعمر كامل لمدة خمس دقائق من البهجة».
ويكشف استشاري الصحة النفسية، الدكتور وليد هندي، لـ«المصري اليوم» أن الأسباب الرئيسية وراء إنجذاب النساء لهؤلاء الرجال دون غيرهم، هو أن الرجل التوكسيك يكون مُحير للنساء في أحيان كثيرة، فرغم أنه إنسان سالب للطاقة ومبدد للعواطف، كما أنه يسعى للابتزاز الوجداني، وامتصاص المشاعر في وقت تكون فيه النساء بكامل حيويتهن إلا أنه يكون شخصية جاذبة لبعض السيدات وتقول المرأة لنفسها: «هذا هو حبي الحقيقي»، لأن بعض النساء لديها رغبة في البحث عن الإثارة والتشويق بالحياة، وهو خير داعم لإثارة الجدل، لذا حينما تدخل في علاقة حُب مع رجل سام، تبدأ في التفكير بطرق تعاملها معه ليصبح هو أيضًا مستهدف لديها.
في المقابل، أوضح الدكتور أن هناك سيدات لديهن شخصية قوة وتميل دائمًا إلى التحديات لذا تحب الدخول في علاقة عاطفية مع الشخص السام باعتباره تحدي لتشعر بالانتصار عليه حتى إذا كانت تسعى فوز موقفي وليس عام، ويشعرها ذلك بالسعادة والانتصار، وتقول في ذاتها: «هذا الرجل صعب المنال والشاق في التعامل للجميع.. أنا أقوى منه وقادرة على الانتصار عليه»، فيما تمتلك بعض السيدات نمط شخصية يعرف بـ«المازوخية»، وهي لديها متعة في تعذيب ذاتها بالتالي تستمتع حينما تقاسي عذاب الحب مع الشخص السام، وفي حالة وقعت في غرام شخص عطوف وحنون وتزوجته ربما يزعجها ذلك على المدى البعيد وتشعر أن هناك شيئًا ينقصها.
وذكر الدكتور وليد هندي أن من بين دوافع النساء للتعاطف أو الارتباط بالشخص السام، إصابتهن بما يسمى متلازمة ستوكهولم، وهي عقدة نفسية قديمة تقول إن الإنسان يتوحد خلالها مع الجاني، أي أنه عندما تتعامل المرأة المصابة بالعقدة مع الشخص السام في البداية تنزعج لكن بمرور الوقت تبدأ في تبرير مواقفه والتسويق لأفكاره. كما أن هناك فتيات ونساء ارتبط الحب لديهن بالأذى النفسي، لأن والدها كان صلب المشاعر فلا يهتم بسعادتها أو غمرها بالحب، كما أنه يعنفها ويضربها، لكن يظل في النهاية هو الأب الذي دعمها للحصول على شهادتها وسعى لتصبح أفضل في مجالاتها الحياتية، لذا يصبح لديها اختلاط في المشاعر بين الحب الحقيقي والشعور بالأذى، وحينما تجد شخص سام تراه الحب المثالي والنموذج المناسب فهو يشبه حب والدها لها.
وأشار إلى أن هناك نساء اعتدن على تبرير الأخطاء باستمرار، لذا هي تتكيف على التعامل مع الشخص السام، ففي كل مرة تسقط مبرراتها على كل تصرفاته وأفعاله وترجع السبب في مواقفه السيئة إلى أنه يحبها ولا يقصد إيذائها، وفي هذه الحالة لا يحتاج هذا الرجل إلى تبرير تصرفاته فهي تقوم بذلك الدور بمفردها بمهارة.
فيما يخص الرجل التوكسيك، لفت هنيدي إلى أنه يجيد كسب ضحيته لتصديقه، لديه خبرة في التعامل مع النساء بالتركيز على ميول كل امرأة يتعامل معها، وفي حالة كان أكثر ما يؤثر عليها المشاعر والعاطفة، ربما يختار البكاء أمامها حتى يحصل على تعاطفها من جديد، فهو جيد في التعامل مع الأنثى ومشاعرها، حتى تصبح ضحيته ويختار هو موعد إنهاء علاقتهما.
شخصية زين في مسلسل الثمن الفنان باسل خياط أو زين بالمسلسل، يقدم دور البطولة بالعمل الدرامي، فهو مالك الشركة الهندسية التي تتقدم المهندسة بطلة العمل في الانضمام إليها، والذي يستغل حاجتها للمال ويختبرها بعرض مشروط مقابل قضاء ليلة واحدة معه وتوافق الثانية بعدما وجدت تلك الطريقة الوحيدة لإنقاذ طفلها المصاب بالسرطان قبل يوم واحد من فقدان الأمل نهائيًا في تحسن حالته الصحية.
خياط، هو متعدد العلاقات حتى يقع في حُب المهندسة المعمارية سارة وتتحول حياته من بعدها، يسلط المسلسل الضوء على أسباب تقليله من النساء ورأيتهن جميعهن خائنات، حيث تربى في أسرة ثرية على يد والدته التي أشبعته كلمات سلبية ضد النساء وتحديدًا الخائنات، حيث تعرضت الأم إلى الخيانة من زوجها والد باسل خياط، لكن تعلق الفنان بالمهندسة يحرره من العقدة ويقوده إلى التغيير، يعيد حساباته وتتبدل نظرته للنساء، بعدما يتهم والدته بأنها المسؤول الأول عما وصل إليه ورفضه الزواج.
شخصية المهندسة الأرملة، سارة، تقدمها الفنانة رزان جمال، وهي الأم والزوجة التي توفي حبيبها وزوجها بعد سنوات قليلة من زواجهما تاركة طفلًا لها، فيما تسبب زواجهما من خسارته لعائلته الثرية التي رغبت في إجباره على الزواج من إحدى نساء العائلة، وأخيرًا تتحسن العلاقات بين سارة وعائلة زوجها، بسبب مرض ابنها بالسرطان ولجؤها إليهم للحصول على المال ورغم حياتها الشاقة تهتم سارة بحياتها العملية وتختار العمل في شركة هندسية مرموقة.
يعرض العمل الدرامي إخراج اللبناني فكرت قاضي حاليًا وتدور الأحداث في لبنان وهو يحاكي المسلسل التركي «ويبقى الحب»، الذي عرض للمرة الأولى في 2006. تدور قصة مسلسل ويبقى الحب حول المهندسة الطموحة شهرزاد التي تعيش حياة صعبة بعد وفاة زوجها، إذ تحاول جاهدة جمع المال الكافي لمعالجة ابنها كان المصاب بسرطان الدم، وتلجأ شهرزاد لمديرها أنور الذي يستغل حاجتها للمال لابتزازها.
المصري اليوم