كالدو..
نانسي عطيات
معلمة ومعالجة بالموسيقى
بعدياً عن أهمية الموسيقى من حيث المكتسبات المادية للقائمين عليها، وكذلك نواحيها الجماليّة ومساحاتها التي تُفْتِن عبرها وتؤجّج المشاعر، فإن أهميتها تزداد في وقتنا الحاضر، مع ازدياد تطور الابحاث والدراسات العلمية حول دورها على صعيد التلقّي وانعكاساته على العلاج لذوي الاحتياجات الخاصة ومرضى التوحد وغيرها من بعض انواع المرض، وذلك إنطلاقاً من أنّ الدماغ البشريّ يحتاج إليها دائماً وخاصة في الأزمات والمآزق والصِّعَاب، حيث تسهم الموسيقى في تحقيق توازُن الإنسان سايكولوجياً، وفي بلوغه سلامه الداخليّ وإلهامه ومُساعدته على المواجهة والتحدّيات.
وقد أصبح العلاج بالموسيقى خلال السنوات الأخيرة يحظى بشعبية كبيرة على اعتبارها علاجاً مُغايراً ومُسانداً للعلاجات الأساسية الأخرى، كوسيلة للشفاء أو للاستجابة لإشكالية معينة في إطار ما يُعرَف بالـ Musicothérapie
حيث تعتبر الموسيقى وسيلة مميزة للتعبير نظرا لأنها تسمح للفرد "بالتخلص" من الطاقة السلبية والإفصاح عما يخالجه، هذا بالإضافة إلى تأثيرها الإيجابي على نفسيته، وعلى هذا النحو، تتحوّل الأصوات والإيقاعات في العلاج بالموسيقى إلى أدوات تساهم في تعزيز الجانب الإبداعي لدى الفرد، وتساعده على التواصل مع نفسه ومعالجة العديد من المشاكل الصحية.
كما ان العلاج بالموسيقى هو علاج صحي مبني على التفاعل مع الموسيقى من اجل تحقيق اهداف معينة في صحة المريض، حيث تساعد الموسيقى وتدعم الناس على الصُّعُد الجسدية والعاطفية والنفسية والاجتماعية، كونها تُلامِس الوعي واللاوعي معاً عند الإنسان.
وعلى الرغم من أن العلاج بالموسيقى كان موجها في بداية الأمر لعلاج الجانب النفسي، إلا أن أهدافه العلاجية أصبحت أوسع نطاقا منذ ذلك الحين، وليس من الضروري التمتع بمعرفة موسيقية للاستفادة من العلاج بالموسيقى.
كما تهدف جلسات العلاج بالموسيقى الى إستخدامها كأداة لتطوير الذات من خلال زيادة دينامية الفرد وتحسين حسّه الإدراكي وقدرته على التركيز إلى جانب تعزيز ذاكرته وقدرته النفسية والعاطفية، وكذلك كمدعم للعلاج الوظيفي وتقويه العضلات عن طريق التقليد السمعي ،الحركي والتواصل البصري.
ويمكن تعريف العلاج بالموسيقى على أنه استخدام الموسيقى وتقنياتها من أجل أهداف موسيقيه واهداف غير موسيقيه يقوم من خلالها المختص بالعلاج الموسيقي باستخدامها وكل من جوانبها البدنية والعاطفية والعقلية والاجتماعية والجمالية والروحية لتحسين الحالة العقلية والبدنية للمريض، من حيث عمل تغيير فعال في حالته للوصول لحاله نفسيه معينه تعبر عن نفس المريض في الوقت الحالي غضب او حزن او سعاده او اكتئاب وهو أحد العلاجات الساندة للعلاجات الطبية الأخرى.
بشكل عام فإن العلاج بالموسيقى هو توجيه استخدام الموسيقى في علاج العلل الجسمانية والعقلية والشعورية ، لكثير من المشكلات مثل( الاكتئاب، ارتفاع ضغط الدم، حساسية الصدر، الصداع النصفى، القرح وغيرها من الأمراض)، فعدد من الامراض الجسمانية تعالج باضطراد بالموسيقى بصفة عامة، ولبعض المشكلات الصحية تعزف قطع موسيقية خاصة للشخص، وبشكل عام فإن طبيعة المشكلة تحدد شكل العلاج.
كما أظهرت الموسيقى انها تمتلك قدرات علاجية مختلفة عندما تعزف للأفراد او المجموعات الذين يعانون من مشاكل عقلية او شعورية او المشاكل المصاحبة لضغوط الحياة، فالموسيقى يمكنها ان تقلل الانفعال وتحد من التوتر عند العمل مع الاشخاص الذين كف بصرهم، حيث سهلت الموسيقى تكوين ادراك سمعي افضل لهم كجزء من العلاج عن طريق تحفيز او تنظم الحركة.
وكوسيلة للعلاج الطبيعي فان استخدام الادوات الموسيقية قد وظف لفائدته النفسية من خلال منح ثقة اكبر بالنفس، ومقوي لعضلات الفم والشفاه الضعيفة.
بشكل عام ان الموسيقى الناعمة والاصوات اللطيفة وحدها او مع أنظمة الاسترخاء يمكنها بفعالية ان تخفف من التوتر وتحقق مزاجا ايجابيا، وهو ما أكدته الابحاث العلمية على تأثير هذه الاصوات في زيادة انتاج الندورفين وهو قاتل الالم الذاتي، الذي يمكنه المساعدة في السيطرة على الألم.
وبصورة أساسية فإن المعالِجون بالموسيقى يساعدون المرضى لتحسين الصحة في عدة مجالات مثل العمل المعرفي، مهاراتهم الحركية، والعاطفي، والمهارات الاجتماعية، ونوعية الحياة، عبر استخدام المجالات الموسيقية مثل حرية الارتجال أو الغناء أو الاستماع وذلك لتحقيق أهداف العلاج.
وما يجب معرفته ان الموسيقى ليست النوع الوحيد من الأصوات التي تحقق فائدة علاجية، حيث أن أصوات الطبيعة مثل ( صوت التيار الجاري، سقوط الماء او غناء الطيور مثلا ) تم استخدامها بواسطة المعالجين الطبيعيين وأطباء النفس كوسيلة للعلاج، اي ان شخص يمكنه الحصول على ميزة قدرة الموسيقى والاصوات الاخرى على احداث استرخاء مع او بدون ارشاد طبي .
يتبع ..العلاج للتوحد وذوي الاحتياجات الخاصة بالموسيقى