كالدو..
الدكتور هاني الجبالي أخصائي الطب النفسي و معالجة الإدمان
وهنا سوف نتطرق للاضطرابات السيكوسوماتية (أي مرض جسدي ذات منشأ نفسي) وهي عديدة ومن أبرزها مشاكل الجهاز الهضمي كقرحة المعدة والقولون العصبي، إذ يعتبر الجهاز الهضمي من أكثر الأجهزة التي تتأثر فيها آثار الضغوط النفسية.
وبالحديث عن قرحة المعدة بشكل خاص، فهي عبارة عن عملية تآكل لجدران المعدة بواسطة الأحماض والأنزيمات التي تفرزها المعدة، ويكون هذا التآكل ناتجًا عن عاملين هما (زيادة إفرازات الحموضة من جهة، وضعف الغشاء الجداري للمعدة من جهة أخرى).
وهذا كله يكون نتيجة لعوامل وأسباب كثيرة، والتي سوف نتطرق للأسباب النفسية منها والتي تعتبر عاملاً أساسيًا عند غالبية المرضى ولا يتم الشفاء دونه.
وبالحديث عن العوامل النفسية وتأثيرها في قرحة المعدة، فعلى رغم أن السبب المباشر للقرحة المعدية هو الإفراز الزائد للأحماض المعدية والتي تهاجم جدرانها وتهيجها وتصل في النهاية إلى تآكل هذه الجدران، فإن هذا الإفراز الزائد للأحماض يأتي غالبًا من حالة الضغط المزمن الناجم عن التوتر الانفعالي المستمر، كما ثبت أن زيادة تعرض الفرد للضغوط النفسية والتي تنعكس سلبًا على العصب الحائر Vagus nerve مع الأخذ في الاعتبار أن هذا العصب هو الذي يغذي المعدة.
وتتواجد قرحة المعدة بشكل أكبر عند الأفراد من ذوي الطموح المرتفع ومحبي الإدارة والسلطة، كما يرى البعض الآخر من علماء النفس أن المصابين بقرحة المعدة في الحقيقة وهم في سن البلوغ يريدون أن يعاملوا كما لو كانوا يرضعون من أثداء أمهاتهم، لأنهم يستجيبون نفسياً وفسيولوجياً كما لو كانوا جياعاً طوال الوقت، فمعداتهم دائمة الإفراز وكأنهم على وشك الاستعداد لاستقبال الطعام.
وقد تم دراسة تأثير الانفعالات على المعدة ونشاطها من خلال حالات مرضية تم رؤيتها فيها جدار المعدة وأخذ عينات من عصارتها فوراً في المواقف الانفعالية المختلفة وتبين مثلاً أن الخوف والاكتئاب لهما الدور الأكبر في ذلك.
ما هي مضاعفات قرحة المعدة غير الخاضعة للعلاج: نزيف وفقر دم، تليف القرحة المعدية والذي يؤدي إلى الاشتداد المعوي وتغيير شكل المعدة، ثقب في جدار المعدة وقد يؤدي إلى التهابات وقيح أسفل الحجاب الحاجز، وأخيراً التحول إلى قرحة خبيثة وسرطانية وذلك في حالات قليلة جداً.
التشخيص والعلاج: يتم تشخيصها بواسطة طبيب الجهاز الهضمي، والطبيب الواعي يدرك مدى دور وقدرة الطبيب النفسي ليكون شريكاً هاماً جداً في الخطة العلاجية.
وأخيرًا أحب أن أذكر هذه الحقيقة وهي أن التركيز على الجانب العضوي دون الالتفات إلى الجانب النفسي يقود إلى فشل العلاج وضياع المريض داخل المنظومة الطبية.