كالدو..
الاعلامية فوزية_عزام
استولى علي التعب والإنهاك وكنت قد استسلمت لتلك النداءات .....بعض من الراحة لن يجلب الويلات .....أرغمتني جفوني المغلقة وتلك التوسلات التي أطلقها جسدي المنهك المتعب فرضخت مرغماً لتلك الطلبات ....مددت جسدي فوق السرير المرتاح في أحد الأطراف بعيداً عن الأهات التي تصدر عنوة من أفواه المرضى الذين خرجوا لتو من غرف العمليات ....
لم أدري أهي دقائق أم ساعات فقد أخذني السبات قبل أن أشتم رائحة الموت تقترب رويداً رويداً محملةً بالتوسلات.....ركضت دون إدراك نحوه.....صوت أهاته والصرخات يحمل بين يديه المغبرة ابنته المزرقة دون حراك أو بكاء يتسلل الموت لجسدها محاولاً إنهاء الحياة ....تناولتها على عجل وبدأت بإسعافها بعد أن إستعنت بالله .... هي الروح ملك يمنيه يرسلها ويقبضها كيف يشاء.....
عزلت نفسي عن صرخات والدها وحركاته الهسترية كما أمها كاظمة القهر والوجع التي تبتعد عن ذلك السرير الذي ضم جسد ابنتها خائفةً من تلك اللحظة التي حسبتها واقعة .....ثوانٍ قليلة مرت قبل أن أيقن أن روحها تصارع الهلاك ..... أسرعت من فوري لثقب رقبتها سامحاً للهواء بدخول لرئتيها التي قاربت على الهلاك قبل أن أسرع بها لغرفة العمليات وسط نحيب أبيها وشهقات أمها المكلومة .....دقائق عدة مرت قبل أن أخرج معلنا لهما عن نجاة روحٍ ونصف الجسد .....سجد أمامي بشكل هستري شاكراً حامداً من خلق الموت والحياة دون إدراك لحروفي الخجلة ... استقام من فوره مقبلاً رأسي بينما أمها تمتمت بعبارات الشكر بعد أن حمدت الإله وكما هو لم تعي بعد ما عنيته....طالبت برؤية ابنتها بلهفة قائلة بصوت موجوع....
لو تسمح لي برؤيتها عل تلك النيران التي شبت بخافقي تنطفئ هي عوض الخمس الذين استشهدوا في الثورة الماضية ....أرسلوا قنابلهم لتحصد أرواحهم إنتقاماً من أحد أفراد العائلة الذين أمطروهم رعباً وقلقاً وقضوا مضاجعهم ونفضوا النوم من فوق أجفانهم والراحة من أبدانهم والآمان من عروقهم وأرسلوا الخوف ليجتاح قلوبهم وينقض على عقولهم ....ظنوا أنهم بذلك يلوون ذراعنا لم يعلموا أننا ننتظر أن يجمع شملنا يوم الميعاد يوم الوعد الحق لينظر الله إلى ما قدمنا فدائاً للمسرى
لم أستطع أن أعي كيف يستطعيون ذلك ....قبل ثوانٍ عدة كانوا يرجون استدامة أنفاسها وهاهي الآن تقول لي أنها قدمت الخمسة قربان لله فدائاً للأرض وثأراً للكرامة ....كمثلهم أنا أضحي بكل الغالي والنفيس لأجل فلسطينَ الحبيبة ....أقدم روحي أنا ولكني لا أجزم باستطاعتي تقديم طفلٍ من أطفالي الذين لم يولدوا بعد ...... لماذا يبكونهم إذاً !!! أعدت كلامي مرةً أخرى موضحاً ..... يؤسفني ما سوف أقوله لقد استطعنا إنقاذها روحها ولكنها سوف تعيش بنصف جسد ....إخترقت الرصاصة عمودها الفقري مسببةً شللاً نصفي هتف الأب قائلاً بعنفوان....
لا يهم ...المهم أنها سوف تعيش ....وسوف تستنشق هواء فلسطين ....سوف تحمل الراية من بعدنا وسوف تهتف بإسم الأقصى وسوف تحلم بأن ترى فلسطين حرة وسوف تجاهد لتبقى فلسطين أبية ....وسوف تبذل روحها مهراً للحرية .....وسوف ترشق الحجارة ...سوف تهتف بإسم الأقصى وسوف تكمل المسيرة هتفت مستغرباً....
ألم تبكيها قبل قليل ....ألم تستجدي بقائها حية .....ألم تكد تفقد روحك قهراً لو ماتت أجاب بكبرياء..... أردتها أن تكبر .....أن تحمل الميراث الذي يردون له أن يندثر ....أردتها أن تكون أسماء أو خنساء أخرى ....أردتها مناضلة مكافحة .....أردتها مقاومة ثائرة أبية ....أردت أن يكون لنسلي بصمة ولمن من صلبي أثر في تحرير الأقصى ....أردت لها الخلود في ذاكرة المسرى....أردتها نجمة في سماء فلسطين .....أردتها حاملةً لإرث فلسطين ....كيف لي أن أرضى بغير ذلك لا وربي لا أرضى ؟؟!!!
أعادني كلامه لتلك الحظة التي ربت بها والدي فوق كتفي قائلاً .... أريدك طبيباً لتمنع رصاصاتهم الحقيرة الغادرة من إنهاء حياة مجاهدٍ أو مجاهدة ثائر أو ثائرة ....أريدك طبيباً لتنقذ أطفال فلسطين الحرة ....أريدك طبيباً لأشتم عطر الشهادة بين جنباتك كلما عانقت يداك شهيد عزة وكرامة ...... نعم ذلك أرثنا نحن أبناء فلسطين من طبريا إلى غزة.....لأجل هذا الأرث نكبر ونتعلم ونننسل ونحيا .....نحن شعب لا نخشى الرصاصة ولا نخاف الزنزانة ....نحن شعب نهوى الموت في سبيل الميراث والمسرى رفعت رأسي بشموخ وإباء هاتفاً بعزة .. الحمد لله أن أكرمنا ورفعنا عن العالمين وجعلنا من أبناء فلسطين وجعل ترابها أحب إلينا من أهالينا ودنيانا ......
ماهي إلا لحظات قبل أن يهتز البيت بأكمله معلناً بداية النهاية أخذت وأمي نحاول لملمت الصغار والإبتعاد بهم قدر المستطاع عن البيت الذي ينختظر صواريخ القصف بكل إباء وشموخ كما أهله ..... حاول أحد أولاد أخي الذي تشبثت بيده بقوة الملاص من براثن كفي قائلاً بحسرة رجلٍ طعنت كرامته وبقهر رجلٍ شلت أربعته ..... قطتي يا عم ....قطتي في البيت سوف تموت تحت الردم دعني لأنقذها أرجوك .... من شدة مقاومته حملته فوق كتفي وهرولت به مسرعاً لم يكن هنالك وقت ....ما هي إلا دقائق قبل إنبعاث صوت التفجير يليه الحطام المرير تليه ظلمةٌ مغبرة .....
كل الذكريات والساعات والأيام ....كل الخلافات والمشاحنات والأفراح والأتراح ....كل الخيبات والتحديات واللآمال ....هدمت بلحظة مسحت بلحظة قصفت بلحظة وكأنها لم تكن وكأننا لم نعش قبلاً وكأننا ولدنا اليوم ولادة متعسرة ماتت فيها الأم التي جائها المخاض بعد خبر زوجها الذي في حادثٍ توفى ولم يتبقى للمولود أهلٌ ولن يكن له ذكرى ..... من قوة الحطام الذي أردنا جميعاً فوق بعضنا صرعى اتشح السواد في وجوهنا وأخذ طريقه على ثيابنا غصبا .....كل ذلك لا يهم ما يهم أن أمي ما زالت حية ......هدوء قاتل عم المكان قبل أن تنطلق أول صرخة ثوانٍ عدة حتى تضاعفت الصرخة وبت لا أعلم من أي جهة انطلقت يميناً أويساراً ....أجلست أمي التي أخذت تتفقد أحفادها ونسوة أبنائها على صخرة وركض علي أجيب ذات الصرخة .....وجدتها تلطم فوق الركام هاتفةً بحسرة .....
إبني تحت الركام أنقذوه أسعفوه اتسمعون صوته أم تراكم لا تسمعون ...أرأيتموه أم إنكم لا تبصرون .... تحملق الجمع من حولها كما أنا ....أخذنا نجرف الركام بأكفنا محاولين فتح الطريق أمام الهواء فالصغير في تلك الزاوية خلف ذالك العمود الذي آبى أن يقع فوق جثة الصغير توحد مع مثيله ليشتبكى سوياً صانعين أسفلهما مهداً له .... ثوانٍ عدة حتى تهافتت وسائل الإعلام وسيارات الإسعاف حاملين معهم معدات الحفر والإنقاذ.... في بلدي لا تحمل سيارة الإسعاف
أخذوا يحاولون إنقاذ الطفل من تحت الركام ....ابتعدت عنهم لأجيب صرخات أخرى وجدتها تجلس فوق بيت إبنها أو بالأحرى فوق حطام البيت تنادي إبنها وزوجته وأحفادها علها تسمع صرخة مستنجدة ولكن لا محالة ....أخذت دموعها تجري كما الشلال ويقينٌ في قلبها يخبرها أنها الليلة سوف تشيع الشهدا..... الشهيد يشفع لسبعين من أهله فكيف بكِ وأنت قريبة ستةٍ منهم ....شفاعة تلو شفاعة علَ تلك الكرامة تطفئ بعضاً من ذلك الجمر الذي إشتعل في قلبك ..... مرت ساعات قبل أن ينتشلوا أجسادهم الطاهرة صحبتهم إلى المستشفى ....هل تعلمون معنى أن تصاحب ستةً من الشهداء ....هل تراني أستطيع أن أصف لكم رائحة الجنة أو تراني أستطيع أن انقل لكم ذلك الإشباع الذي غزا روحي فخرا.....
هل تراني أستطيع أن أصور لكم تلم الإبتسامات أو أصف لكم تلك الوجوه النضرة .... هل تراني أقول لكم عن غبطتي لهذا الرجل وأمنيتي أن أعلم ما هي خبيئته التي أكرمه بها الله ليجعل أجله وزوجه وأبناءه الأربعة في يومٍ واحد وساعةٍ واحدة وبلحظة واحدة.....رحلوا جميعهم ....رحلوا سوياً كأنما قطعوا عهداً ألا يفترقوا بإذن الله فأراد الله لهذا الوعد أن يكون حقاً
وصلنا لوجهتنا حملت واحداً منه وروحي تغبطه أشد غبطة ......في الجنة بإذن الله هو وإخوته وأمه وأبيه وفي قبورهم تحيا أرواحهم حياةً الله أعلم بها منا ....هو سبحانه من قال وقوله الحق ولا تحسبن الذي قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون.....هاهم الآن ودعوا دنيا زائلة وجلسوا يتنعمون بفضل الله الذي أنعم به عليهم وخصهم دون غيرهم علنا نكون بمن يلحق بهم ....
ثوانٍ قليلة قبل أن يصل جدهم المكلوم الصابر .....جلس يناظر أربعتهم من كبيرهم إلا صغيرهم بحسرة وقلب مفجوع ....هاجمته الذكريات لتهز أركان ثباته ..... أخذ ينادي اسمائهم متسائلاً...
محمد من سوف يناديني بحروفه الطفولية ....وأنت يا أحمد من سيركض خلفي طالباً مني تجليد كتبه ....أيمن حبيب جدته الأسمر ذو الشعر الناعم ....أحمد يا حبيبي أردت أن تمشط شعرك مثل الكبار ...أردت أن تكبر قبل أوانك وهاقد أصبحت كبيراً يا جدي وأنت يا صغير لم أشبع منك بعد ....لماذا تركتموني ورحلتم ما زال الوقت باكراً على الرحيل ...طالما أردتم البقاء مع أبيكم طالما أحببتم رفقته بكل مكان وها أنتم ترحلون سوياً قمرٌ وأربعة نجوم .... أنا رجلٌ فقد القمر وأربعة نجوم ....لله أشكوا حالي ...يارب صبرني وصبر جدتهم على فراقهم ....
أبكاني كما أبكى كل من حوله ....وحيده رحل برفقة ابناءه وزوجته وبقي هو يصارع الذكريات فإما تنال منه وإما ينال منها ..... ربت الجيرة فوق كتفه مساندين وداعمين وأخذوا يجهزون الشهداء ليوم زفافهم .....صوت سيارة الإسعاف أخرجني من تلك الصدمة لتصعقني صدمة أخرى ....
ما إن فتح الباب حتى لاحت لي عيناه الجاحظة ....تتساءل .... من أنا وأين أنا وأين أمي وإخوتي ....هل ما عشته قبل قليل كان حقا....هل ما سمعته حقا....تلك الأصوات المستنجدة وصرخات أختي المتوسلة وهتافات إخواني المكبرة وهمسات أمي المحوقلة وأنفاس أبي الحامدة ....هل كل ذلك حقيقة ....
تلك السماء التي كانت قبل ثوانٍ مزرقة أستبدلت لونها بتلك السرعة ...وذلك العلو الذي كنت قاطنه كيف هبطت بتلك السرعة ....بيتنا الجميل وألعابي المتناثرة مالي لا أراها هل أخذتها شياطن الإنس ....ألم تكن مصفدة .... تلك الرائحة الزكية ....كانت على ما أذكر تنبعث من فرن أمي رأيتها تصنع كعكعة ....وقد عزمت على أن أغرف منها في تلك اللحظة وخططت لهذا منذ رأيتها تتقدم بها نحوي سعيدة فرحة ....إنه عامي الأول سمعتها تتم مهنئة ....أين ذهبت أمي والكعكة ...
هل يعي العالم ما حصل معي أو يحتاج صورةً مفلترة .....طفلٌ أنا يا عالم لست بطلاً خارقاً صنعته السينما....
أربعة أيام مرت وإلى الآن لم يغمض لي جفن .....عدت باحثاً عن أمي وأحفادها ...فجميع إخوتي استشهدوا في السنوات السابقة حتى أن أمي زفت إثنين منهم برفقة أبي الذي كان في صفوف المقاومة .... وبقيت أنا وعشرون يتيماً وأربعة أرامل وأمي الخامسة .....هل تعلمون أنها أرادت تزويج من كن نساء أولادها ا.....قالتها أمامي ألف مرة مؤكدة أنها بالنسبة لها أمنية .....أرادت لهن أن ينجبن المزيد من المقاومين والمقاومات ...هذا ما يجعل أمي من بين العالمين مميزة ......
مررت في طريقي على إحدى المدارس التابعة لوكالة الغوث المتحدة فقد أصبحت ملجأً للذين هدمت بيوتهم وأصبحوا كمثلنا بلا مأوى .....وقفت وسط الساحة محتاراً كيف لي أن أطرق باب الفصول التي أصبحت غرفاً للمنكوبين بحثاً عن أمي المميزة ....لمحت أحد أولاد إخوتي الذي يحاول الهروب .....اقتربت منه معلناً فشله....عاد يتوسلني من جديد .... ياعم لي قطة ....أريد أن أرى ما حل بها ...أجلبها معي إن كانت حية أو أكرم دفنها ....
نازعت نظرة الرجاء والإصرار في عينيه ذلك التعب الذي يحاول التملك مني....أمسكت يده وخرجنا سوياً نبحث عن تلك القطة ....في الطريق تسائل ببراءة.... يا عم ....هل تنال القطط الشهادة ...هل تراني ألقاها في الجنة عندما أذهب إليها ظننته طفلاً همهمت مستهزئاً.... وكيف علمت أنك سوف تذهب إلى الجنة .... هتف بيقين أخجلني .... يا عم جدي شهيد وأبي شهيد وعمي شهيد وهل تراني لا أحافظ على الورثة ...كيف لي ...لا أفعل ....ثم إنني الليلة رأيت أبي يمد يده لي قائلاً....رضي الله عنك يا عمر ...
يا عم أبي في دار الحق عند الحق ولا يقول إلا الحق ...إن كان الله قد رضي عني فسوف يرزقني الشهادة.... كلماته صفعة عقلي وقلبي قبل أن تنزل فوق جسدي كما قذيفة هاون ....مازال صغيراً لم يتجاوز التاسعة ....أعلم أن أطفال وطني يكبرون أمثالهم بأعوام ولكني رأيته اليوم أكبر مني ومن العالم كله ....
وصلنا للمكان الذي كان بيتنا فيما قبل ساعات ....ردمٌ فقط ولا شيء سوى الركام ....لا أعرف ما الذي دله على مكانها ربما قلبه ...حدسه أو أنار الله بصيرته وكأنه يعد خطواته عدا....وثب بضع منها وأخذ يزيل الردم من أمامه ....لم أعي كيف انتشل جثة القطة وكيف وصل إليها وكأنني في حلم وكأنني أشاهد مقطع مصور ....مجرد لحظات ...رف جفني عدة مرات قبل أن يقترب مني مجدداً قائلاً بيقين بعثر داخلي ....أرأيت ....قطتي شهيدة ....يا عم هل أوصيك وصية ....عندما أنال الشهادة هل لك أن تزفنا سويا .....
ابتلعت ريقي أحاول استيعاب ما يقول وأسبلت أجفاني ثوانٍ علني أنفض من أمام مقلتي تلك الرؤيا التي راودتني في تلك اللحظة ....صحيح ...أنتم لا تلعمون أننا في فلسطين لا نحتاج لننام لكي نرى الرؤيا ....يكفي فقط أن تسبل أهدابك للحظة وتوجه قلبك للذي فطره ....أمسكت بيده بتملك انتابني فجأة ...هتف لينبهني....
ياعم ...مالك نسيت ...أحمل بين يدي قطة شهيدة .......كان يحتضنها بين ذراعيه وكأنها ليست جيفة ....تناول من على جنبات الطريق صندوق كرتوني ووضعها فيها ....حاولت إقناعه بدفنها على جنب الطريق ولكنه أصر على دفنها في المقبرة ....عجبت لأمره كل تلك الفصاحة ولم يعلم بعد أن بكل شبرٍ من فلسطين هناك مقبرة ......
صحبته حيث أراد وحفرت لقطته قبر بجانب قبر أبيه كما أراد نظر إلي قائلاً بتوسل ....يا عم ...أنظر لتلك الشجرة التي قامت فوق قبر أبي كانت نظرة ....ما حل بها هل تراها عطشى .....هل لك أن تتأتي ببعض الماء لنسقيها شربة ....بينما أقرء لأبي ياسين وأسمعه جزءاً من البقرة ....فقد أنهيت حفظه في الأمس ..... إستقمت من فوري مبتعداً عنه لأجلب بعض من الماء ......أشتريت زجاجة ماءٍ من إحدى المحال القريبة من المقبرة وعدت أدراجي لأسقي الشجرة وأخذ الصغير وأعود به حيث أمي وإخوته الأربعة صوت صدح في المكان فجأة ....وأظلمت السماء للحظة هرولت مسرعاً نحو المقبرة .....وقفت متسمراً بينما الأناس من حولي يصرخون بوجع قصفوا المقبرة قصفوا المقبرة .....تمنيت لو كان ذلك حلما ....ولكنه حقيقة مرة ...نعم قصفوا المقبرة وزعموا أن منها إنطلقت صواريخ المقاومة ....التقطت رادارتهم حفرة ....أقسم بأنها قبرة القطة ...ليتني أستطيع أن أنوح كما المرأة....ليتني أستطيع أن أتخلى عن جنسي للحظة لألطم وجهي مرة وألف مرة علني أطفئ في قلبي تلك الجمرة ....ما أفعل بالوصية التي أوصانيها قبل لحظة ....كيف أزفه ولم أستطع لجسده جمعا ..... ماعاد هناك عمر ولا حتى قبر القطة
يا ويلي من يومٍ أصبحت به المقبرة مقبرة