كالدو..
هل فكرت مرة في تناول دواء منتهي الصلاحية لإنك لم تعد تحتمل الألم بانتظار الحصول على موعد الطبيب ليصف لك دواءً جديداً أو ليس لديك القدرة على شراء الدواء الجديد؟
ربما لا يكون انتظار الطبيب هو السبب الرئيسي لتناول هذه الأدوية في عدة بلدان عربية، لكن الظروف الاقتصادية في دول مثل اليمن وسوريا ولبنان، تجعل من استشارة الطبيب أو شراء علبة من دواء جديد أمرا فوق طاقة كثيرين.
وهنا يكمن خطر احتمال لجوء الناس للدواء المتوافر في المنزل دون الاكتراث بالتاريخ، أو الاستسلام للمعاناة دون علاج.
يقول الصيدلاني اليمني هاني الإدريسي إن هناك الكثير من المرضى ممن يرتادون صيدليته في صنعاء يعيدون الأدوية بعد أن يروا أنها لا تزال تحمل مدة صلاحية شهرين أو أكثر قليلاً رافضين تناولها على اعتبار أنها قد لا تكون ذات فعالية. ويضيف: " أغلب المنظمات الصحية تقول إن الدواء لا ينتهي مفعوله في الأشهر الستة الأخيرة كما يعتقد البعض، ولكن غالباً ما يفقد من تركيز فعاليته بالتدريج، لكن ذلك أيضاً لا ينطبق على كافة العقاقير بل يختلف من دواء إلى آخر حسب حالات استخداماته".
تاريخ الصلاحية تعود طباعة تاريخ الصلاحية إلى عام 1979 عندما فرضت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية رسمياً قانوناً يلزم شركات الأدوية بتحديده على كافة العقاقير الموصوفة أو غير الموصوفة من الطبيب. ما يعني ضمان سلامة الدواء وفاعليته التامة منذ تصنيعه حتى تاريخ انتهائه، وتتراوح مدة انتهاء معظم الأدوية بين 12 و60 شهراً. مع الأخذ بالاعتبار الشروط المتعلقة بعلبة الدواء المفتوحة منذ زمن وغيرها مثل أدوية السعال أو قطرة العين ما قد يلحق ضرراً، أوبضرورة حفظ الدواء في الثلاجة مثل الأنسولين لمرضى السكري على سبيل المثال كي لا يفقد خاصيته العلاجية ويؤدي بالتالي إلى نتائج خطيرة.
وتفرق منظمة الصحة العالمية على موقعها بين عبارة "تاريخ الصلاحية" و"الاستخدام قبل" تاريخ معين، فحسب الموقع إن كان تاريخ صلاحية الدواء أكتوبر/تشرين الأول، فلا يجب استهلاك الدواء بعد 31 أكتوبر/تشرين الأول. وإن كانت العبارة المستخدمة "الاستخدام قبل أكتوبر/تشرين الأول"، فلا يجب استهلاكه بعد 30 سبتمبر/أيلول. التخلص من الأدوية القديمة تتبع الكثير من دول العالم إجراءات لإعادة الأدوية منتهية الصلاحية أو غير المستخدمة إلى الصيدليات للتخلص منها بالشكل المناسب والآمن للبيئة والحيوانات.
وتفوق تكاليف الأدوية غير المستخدمة في بريطانيا مثلاً ما يعادل 350 مليون دولار أمريكي سنوياً حسب نظام الرعاية الصحية البريطاني.
وحسب دراسة لمدينة الملك عبد العزيز الطبية في السعودية، وصلت تكلفة إعادة حوالي ألفي دواء غير مستخدم إلى الصيدليات إلى أكثر من 26 ألف دولار أمريكي فقط خلال الشهر الذي جرت فيه الدراسة.
خطر أم بلا فائدة؟ ولكن هل يصبح الدواء خطراً بعد مرور تاريخ انتهائه أم أنه يفقد فائدته فقط؟
قد يبدو السؤال بسيطاً، لكن الإجابة عليه ليست بهذه السهولة، فهناك الحبوب والكبسولات والأدوية السائلة والقطرات واالأبر ولا بد أن الاختلاف بالشكل الدوائي يشكل عاملاً للوصول إلى الإجابة المناسبة.
تقول الصيدلانية المصرية ريهام سلّام: "تختلف أنواع الأدوية عندما ينتهي مفعولها، فبعضها يمكن أن يتحول إلى مادة سامة أو أن يسبب بعضها الآخر أضرارا قد تؤثر على الجلد أو تسبب حساسية مزمنة أو حتى قد تودي بحياة المريض، لذا لا يجب التساهل أبداً في هذا الموضوع".
بلاغات اليقظة الدوائية؟ من الملفت أن عدداً من الدول العربية يتيح خدمة "بلاغات اليقظة الدوائية" على المواقع الالكترونية مثل مصر والإمارات وقطر والمغرب العربي، بعضها يمكن مقدمي الرعاية الصحية من تقديم تقارير عن أي أعراض جانبية ناتجة عن أي من المنتجات الدوائية أو الأخطاء الدوائية بما في ذلك التفاعلات الدوائية الغذائية، إلى جانب الأعراض السلبية اللاحقة للقاحات. وبعضها للإبلاغ عن أدوية منتهية الصلاحية أومراكز تداولها. والبعض الآخر يقدم معلومات وتحليلات أو خبرة في علم الأدوية ومجال التسمم من مصادرها الصحيحة.
يعتبر هذا مجهوداً كبيراً، لكن يرى البعض أن جهود توعية الناس من عدم استهلاك الأدوية منتهية الصلاحية محدودة جداً، إن لم تكن معدومة. وتبقى مهمة سلامة الأشخاص طبياً تقع على عاقتهم بشكل فردي وتعتمد على مدى ثقافتهم ووعيهم بالأضرار والأخطار.
BBC