كالدو..
السفيرة الدكتورة/ ماجدة الدسوقي
إن إختيار عاصمة عربية للثقافة كانت مبادرة من جامعة الدول العربية في برنامج اليونسكو لعواصم الثقافة في العالم وذلك من أجل إبراز الثقافة العربية وتشجيع التعاون في المنطقة العربية ثقافيًا والإحتفاء بالتقدم الثقافي في الأقطار العربية . منذ عام ١٩٩٦ بدأ تنفيذ هذا البرنامج وكانت القاهرة هي أول عاصمة أُختيرت لهذه المناسبة ، ثم توالت الاختيارات من تلك السنة حتى عام ٢٠٢١ بل وامتد الإختيار حتى عام ٢٠٢٣ ، ولهذا العام ٢٠٢٢ أصبحت مدينة الكويت هي العاصمة الثقافية المختارة وبعدها طرابلس في لبنان لعام ٢٠٢٣. ولكن ما الغرض من اختيار إحدى العواصم العربية سنويا لتكون عاصمة الثقافة العربية ؟ طبعا يتم الإختيار من قِبَل وزراء الثقافة في العالم العربي، وقد يقع الاختيار على عاصمة ما أكثر من مرة ولعام كامل . الإحتفاء بالعاصمة الثقافية العربية هو تنظيم العديد من الفعاليات ومعارض الكتب والفنون التشكيلية والحرف اليدوية وورش العمل الفنية وتطوير المستوى الثقافي عربيًا وإقامة المهرجانات والمسابقات وتبادل الوفود الثقافية ورعاية الإبداع والمبدعين ، ولكن قد لا يتم هذا كله كما يريد المشرفون على كل البرامج من مهرجانات ومسابقات ولكن تبقى بعض الأعمال الأدبية في هذه المدينة المختارة إيجابية جدا وناصعة في أجواء ثقافية تْثري العاصمة الثقافية القادمة عند اختيارها وخاصة أن الاختيار يتم بناءً على رصيدها الثقافي ومخزونها الفكري والحضاري والأدبي وهذا علاوة على تجنب سلبيات المبادرات السابقة التي تمت ، لأن الهدف الرئيس للاختيار هو تنشيط المبادرات الخلاقة وتنمية الرصيد الثقافي العربي وذلك من أجل دعم الإبداع الفكري والثقافي ولتعزيز التفاهم والتآخي والتسامح واحترام الخصوصية الثقافية. الشعوب في العالم العربي _ وللأسف_ غير معنية بمثل هذه المهرجانات والمسابقات الثقافية ، أعني الغالبية العظمى لأن هواجسهم اليومية هي الحصول على حياة كريمة ميسورة وهي الشاغل الأول لهم في الحياة وهذا يْبعدهم عن الإنضمام أو المساهمة أو الحضور في مثل هذه الفعاليات حتى ولو كانوا من المتعلمين ، يضاف إلى هذا الأمية التي تعم أرجاء الوطن العربي والأميون الذين لا يفهمون ما هي الثقافة وما هو الأدب وما هو الشعر ! في الحقيقة إنه من دواعي الفخر والإعتزاز أن تْعلن عاصمة بلد عربي ما لتكون عاصمة الثقافة العربية لعام كامل ولكن هذا لا يعني كثيرا لِجم غفير من الناس ! عند الإختيار ينشط البعض في إعداد الفعاليات المطلوبة والجديدة عن العام السابق وهم المسؤولين عن كل شيء في هذه الفعاليات ولكن أعمالهم وإقتراحاتهم وفعالياتهم لا تجد الآذان الصاغية من وفي الجمهور ، وعند نشر الفعاليات وجداولها يأخذون الأمر على أنه حدث عادي جدا لا شأن لهم به . علاوة على ما تقدم نسمع أحيانا على أن المخصصات المالية المطلوبة في بعض الدول أقل مما تحتاجه الفعاليات والمسابقات والمهرجانات وذلك لضعف الميزانية المرصودة لإنجاح هذه الفعاليات . أتمنى أن تساهم وزارات الثقافة في دعم مثل هذه الفعاليات وأن يشارك الجماهير والمثقفون العرب إيجابيا في السنوات القادمة . لا شك أن الافتتاح الرسمي في اليوم الأول زاخر بكلمات الوزراء والضيوف والمعنيون بالأمر ولكن هذا الوهج يخفت فيما بعد مما يقلل من الزخم الذي يجب أن يظل مستمرًا ولو بدرجات متفاوتة .