كالدو...
متابعة: عبدالقادر البياضي
توفيت اليوم وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت عن عمر ناهز ال 84 عاما، بعد صراع مع مرض السرطان، حيث كانت أولبرايت شخصية محورية في إدارة الرئيس بيل كلينتون، لتصبح فيما بعد أكبر دبلوماسي في البلاد في فترة ولايته الثانية.
مادلين أولبريت وطفولة اللجوء:
ماريا جانا كوربيلوفا التي نشأت باعتبارها مسيحية من طائفة الروم الكاثوليك، عرفت لدى عائلتها باسم مادلا ثم مادلينكا، هي مهاجرة من جمهورية التشيك، ولدت في براغ عاصمة تشيكوسلوفاكيا عام 1937، ثم هربت مع أسرتها الى العاصمة البريطانية " لندن" بعد غزو النازيون وطنهم في عام 1939، كون والدها جوزيف كوربل كان يعمل موظفاً في الحكومة التشيكية.
استمر والدها في العمل مع الحكومة التشيكية في المنفى "لندن" حيث عمل في هيئة الإذاعة البريطانية الموجهة للتشيك، ولكنه ما لبث أن عاد بأسرته الى وطنه بعد إنتهاء الحرب، ليعمل سفيراً ومن ثم مندوباً مندوباً للأمم المتحدة للمساعدة في التوسط بين باكستان والهند حول كشمير.
تقدم جوزيف كوبل بطلب لجوء سياسي له وأسرته في الولايات المتحدة الأمريكية بعد سيطرة الشيوعيين على السلطة في تشيكوسلوفاكيا .
دراستها:
اتقنت مادلين أربع لغات في سن الحادية عشر وذلك بسبب تنقلها بين عدة دول ، وبعد إكمال دراستها الثانوية حصلت على منحة لدراسة العلوم السياسية في جامعة ويليسلي النسائية الخاصة في ماساتشوستس، وهو الأمر الذي أتاح لها الإلتقاء بزوجها المستقبلي جوزيف ميديل باترسون أولبرايت، والذي مالبث أن تزوجا بعد تخرج أولبرايت من الجامعة ، وكونا أسرة مكونة من 3 من البنات ، التوأمين، أليس وآن مواليد 1960 و كاثرين التي ولدت في العام 1967.
تابعت مادلين تعلم اللغة الروسية واكملت دراساتها في العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون ثم في جامعة كولومبيا في نيويورك، ولتحصل فيما بعد على درجة الدكتوراه في عام 1975
حياتها العملية :
رغم أن وزيرة الخارجية السابقة بدأت أهتمامها بالحزب الديمقراطي منذ فترة الدراسة الجامعية ، الى ان الأمر إزداد بعد ان عملت متدربة في إخراج صحيفة دنفر بوست المحلية والتي كان زوجها جوزيف يعمل صحفياً فيها، لتنخرط أواخر الستينيات بالعمل السياسي بعد عودة العائلة إلى واشنطن .
عملت أولبرايت كمساعد تشريعي لسناتور ولاية ماين إد موسكي ، ومن ثم تولت وظيفتها الحكومية " الاتصال بمجلس الشيوخ "بعد ان عرض عليها أستاذها الجامعي السابق في كولومبيا زبيغنيو بريجنسكي، والذي كان يعمل مستشاراً للأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر .
إنتقلت أولبرايت للعمل الخيري بعد خسارة الديمقراطيون أمام رونالد ريغان الجمهوري، ومن ثم أصبحت أستاذة العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون.
أثناء التدريس أبقت أولبرايت إصبعها على نبض السياسة في الحزب الديمقراطي. وأصبح منزلها مركزاً اجتماعياً ومكاناً للاجتماعات السياسية حيث عملت أولبرايت مستشارة للسياسة الخارجية في الحملات الرئاسية لكل من المرشحين للانتخابات الرئاسية والتر مونديل ومايكل دوكاكيس
في العام 1992 عينت أولبريت سفيرة لدى الأمم المتحدة في عهد الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، وهو الوقت الذي كانت المنظمة الدولية تمر في مرحلة مفصلية، فكانت المرأة الوحيدة من بين 15 مسؤولاً في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ووصفت اجتماعهم الأول بأنه جمع 14 بذلة وتنورة في غرفة، لكنها كانت شرسة في الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة ومبادئ الديمقراطية.
في عام 2018 تولت مادلين منصب وزيرة للخارجية بعد فوز كلينتون بولاية ثانية ، وقالت في ذلك : "عندما برز اسمي كوزيرة للخارجية بدا ذلك وكأنه أمر غير مألوف. قال الناس إن العرب لن يتعاملوا مع امرأة"
تركت أولبرايت منصبها في مطلع الألفية وأسست شركة استشارية وعملت لفترة وجيزة مديرة لمجلس إدارة بورصة نيويورك.
مآثرها:
حرصت على وضع النساء في الوظائف والأعمال التي يهيمن عليها الذكور، وعلمتهن أهمية التحدث بصوت عال ومقاطعة الآخرين لاسماع أصواتهن، كما تمتعت بأسلوب دبلوماسي جاد، وأحياناً القتالي يثير الدهشة .
أثارت عاصفة من الجدل عندما قالت إن إحدى المقولات المحببة لديها هي: "هناك مكان خاص في الجحيم للنساء اللواتي لا يدعمن النساء الأخريات"
كما كان ن لها أسلوب دبلوماسي فريد خاص بها، وتكتيك فعال لايصال رسالتها للطرف الآخر من خلال استخدام ملحقات الزينة في عملها الدبلوماسي، حيث كانت ترتدي دبابيس على شكل سلاحف أو زهور أو بالونات لها تفسيرات خاصة بها، وقالت حول ذلك " أنها استلهمت الفكرة في البداية من تشبيهها من قبل وسائل الإعلام العراقية بـ "الأفعى التي لا مثيل لها" بسبب موقفها من صدام حسين بعد حرب الخليج الأولى" كونها كانت ترتدي دبوس على شكل ثعبان عندما تتعامل مع العراق.
ماذا بعد : ي عام 2012، تلقت أولبرايت وسام الحرية الرئاسي من الرئيس باراك أوباما، الذي قال إن "صلابتها ساعدت في إحلال السلام في البلقان ومهدت الطريق لإحراز تقدم في بعض أكثر مناطق العالم اضطرابًا". واصلت رئاسة مؤسسات والتحدث في المناسبات العامة وظهرت بنفسها في برامج تلفزيونية أمريكية
مؤلفة غزيرة الإنتاج، وكتبت العديد من الكتب، منها مذكرات عام 2003 بعنوان "سيدتي الوزيرة"، وكتابها "الفاشية: تحذير" الذي نشرته في عام 2018 عندما كانت في 81 عاماً من العمر
عاشت وتوفيت في نفس منزلها الريفي الذي عاشت فيه لعقود في جورج تاون وهو ذات المنزل الذي انتقلت إليه عندما أصبحت مطلقة في الأربعينيات من عمرها يعد زواج دام 23 عاماً.